فيكون الدليل في الحقيقة هو الدال به الذي قصد أن يدل به وقد جعل ذلك علامة وآية ودليلا والذي يدل بنفسه يعلم أنه يدل بنفسه وان لم يعلم أن أحدا جعله دليلا وان كان في نفس الأمر كل مخلوق قد جعله الله آية ودلالة وهو سبحانه عليم مريد فلا يمكن أن يقال لم يرد بالمخلوقات أن تكون أدلة له ولا أنها ليست دليلا يجعلها أدلة كما قد يطلقه طائفة من النظار ولكن يستدل بها مع عدم النظر في كونها جعلت أدلة كما قد يطلقه اذ كان فيها مقاصد كثيرة غير الدلالة والذي جعلها دليلا وهو الله جعل ذاتها يستدل بها مع قطع النظر عن كونها هي دليلا فما من مخلوق إلا ويمكن الاستدلال به على الخالق والمحدث نفسه يعلم بصريح العقل أن له محدثا وهذه الأدلة التي تدل بنفسها قد تسمى الأدلة العقلية ويسمى النوع الآخر الادلة الوضعية لكونها انما دلت بوضع واضع والتحقيق أن كلاهما عقلي إذا نظر فيه العقل علم مدلوله لكن هذه تدل بنفسها وتلك تدل بقصد الدال بها فيعلم بها قصده وقصده هو الدال بها كالكلام فإنه يدل بقصد المتكلم به وارادته وهو يدل على مراده وهو يدلنا بالكلام على ما أراد ثم يستدل بارادته على لوازمها فإن اللازم أبدا مدلول عليه بملزومه والآيات التي تدل بنفسها مجردة نوعان منها ما هو ملزوم مدلول عليه بذاته لا يمكن وجود ذاته دون وجود لازمه المدلول عليه مثل دلالة المخلوقات على الخالق ومنها ما هو مستلزم له مدة طويلة أو قصيرة فتدل عليه تلك المدة مثل نجوم السماوات فإنه يستدل بها على الجهات والامكنة وعلى غيرها من النجوم وعلى الزمان ماضيه وغابره ما دام العالم على هذه الصورة قال تعالى وألقي في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات وبالتجم هم يهتدون وقال تعالى وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون ثم قال وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ثم قال وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به
النبوات [ جزء 1 - صفحة 192 ]
نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا الى قوله ان في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون وقوله وألقي في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات هي علامات ألقاها في الأرض وهذا قول الأكثرين قالت طائفة هي معالم الطرق يستدل بها بالنهار ويستدل بالنجم بالليل وقالت طائفة هي الجبال وهي أيضا مما يستدل به ولهذا سماها الله أعلاما في قوله وله الجواري المنشآت في البحر كالأعلام فبأي آلاء ربكما تكذبان أي كالجبال والأعلام جمع علم والعلم ما يعلم به كالعلامة ومنه أعلام الطرق المنصوبة ومنه يقال لدلائل النبوة أعلام النبوة ويقال للراية المرفوعة انها علم وإنها جعلت علامة لصاحبها وأتباعه والعالم بالفتح مثل الخاتم ما يعلم به كما أن الخاتم ما يختم به وهو بمعنى العالم ويسمى كل صنف من المخلوقات عالما لأنه علم وبرهان على الخالق تعالى بخلاف العالم بالكسر فانه الذي يعلم كالخاتم بالكسر فإنه الذي يختم قال تعالى ولكن رسول الله وخاتم النبيين لأنه ختمهم كما يسمى الماحي والحاشر والعاقب وقد قرئ وخاتم أي ختموا به فالجبال أعلام وهي علامات لمن في البر والبحر يستدل بها على ما يقاربها من الأمكنة فانه يلزم من وجودها وجوده وهي لا تزال دالة ما دامت موجودة ومدلولها موجودا وهي أثبت من غيرها فقد يكون عندها قرية وسكان فيكون علما عليهم ثم قد تخرب القرية ويذهب السكان فتزول الدلالة لزوال الملزوم وهذا كله مما يبين أن الدليل قد يكون معينا بل الآيات كلها معينة وأن يكون مطابقا ملازما لمدلوله ليس أحدهما أعم من الآخر كالثريا مع الدبران وكالجدي مع بنات نعش ونحو ذلك فتبين غلط من ذكر أنه يحصر الادلة فيقال إما أن يستدل بالعام على الخاص أو بالخاص على العام أو بأحد الخاصين على الآخر والأول هو القياس الشمولي والثاني هو الاستقراء والثالث هو التمثيل وقد بينا ما في هذا الكلام من الغلط في حصره وفي حكم أقسامه فإن هؤلاء المقسمون للأمور العامة كثيرا ما يغلطون في هذا وهذا إذ كان المقسم يجب أن يستوفي جميع الأقسام ولا يدخل فيها ما ليس منها كالحاد وهم يغلطون فيها كثيرا
النبوات [ جزء 1 - صفحة 193 ]
لعدم إحاطتهم بأقسام المقسوم كما يقسمون أقسام الموجودات أو أقسام مدارك العلم أو أقسام العلوم أو غير ذلك وليس معهم دليل على الحصر الا عدم العلم وحصر الأقسام في المقسوم هو من الاستقراء ثم إذا حكموا على تلك الأقسام بأحكام فقد يغلطون أيضا كما قد ذكر هذا في غير هذا الموضع مثل غلط من حصر الأدلة في هذه الأنواع من أهل المنطق ومن تبعهم وقد بسط هذا في مواضع وذلك مثل قولهم الدليل إما أن يستدل بالعام على الخاص أو بالخاص على العام أو بأحد الخاصين على الآخر فان الدليل أولا لا يكون قط أعم من المدلول عليه إما مساويا له وإما أخص منه فإن الدليل ملزوم للمدلول عليه والملزوم حيث تحقق تحقق اللازم وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم فحيث تحقق الدليل تحقق المدلول عليه فإذا كان مساويا له أو أخص كان حيث تحقق المدلول كما أنه حيث تحقق ما هو ناطق النطق الذي يختص الانسان تحقق الانسان وتحقق أيضا ما هو أعم من الانسان وهو ثبوت حيوان وجسم حساس تام متحرك بالارادة بمعنى أنه تحقق مطلق هذا الجنس وإلا فلم يوجد شيء أعم من الانسان بمجرد وجوده لكن وجد من صفاته ما يشبه به غيره ويصح اطلاقه عليه وعلى غيره وهو مسمى الجسم والحيوان ونحو ذلك وكذلك إذا وجد آية أو خبر يدل على الايجاب أو التحريم لزم ثبوت الايجاب أو التحريم وقد ثبت الايجاب والتحريم بآية أخرى أو خبر آخر فلهذا قيل الدليل يجب طرده ولا يجب عكسه وإذا كان الدليل لا يكون أعم من المدلول عليه فقولهم إما أن يستدل بالعام على الخاص إنما أرادوا به القياس الشمولي الذي هو مقدمتان صغرى وكبرى كقولنا النبيذ المتنازع فيه مسكر وكل مسكر حرام أو كل مسكر خمر كما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كل مسكر خمر وكل مسكر حرام بين أن المسكر موصوف بأنه خمر وبأنه حرام ولم يقصد القياس الشمولي وهو أن يستدل على أن المسكر حرام فالرسول أجل من هذا شرعا وعقلا صلى الله عليه وسلم فإنه بكلامه تثبت الاحكام وغيره إذا قال كل مسكر خمر أو حرام احتاج أن يستدل عليه وأما هو فيستدل بنفس كلامه والنظم الشمولي المنطقي
النبوات [ جزء 1 - صفحة 194 ]
لا يوجد في كلام فصيح بل هو طويل لا يحتاج اليه كما قد بسط في مواضع وبين أن الدليل قد يكون مقدمة واحدة وقد يكون مقدمتين وقد يكون ثلاث مقدمات وأربعا وأكثر بحسب ما يحتاج اليه المستدل الطالب لدلالة نفسه أو الطالب ليدل غيره فإنه قد لا يحتاج الا الى مقدمة واحدة مثل من عرف أن الخمر حرام لكن لم يعرف أن كل مسكر هو خمر فإذا عرف بالنص أن كل مسكر خمر عرف أن مسكر حرام وكان علمه موقوفا على مقدمة واحدة بخلاف من لم يكن عرف بعد أن الخمر حرام فيحتاج الى مقدمة ثانية ثم ان كان عرف أن محمدا رسول الله بنصوصه المتواترة كفاه ذلك وإن كان لم يقر بنبوته احتاج الى مقدمة ثالثة وهو الايمان بأنه رسول الله لا يقول على الله الا الحق ويذكر له من دلائل النبوة وأعلامها ما يعرف به ذلك فيهتدي أن كان طالب علم وتقوم عليه الحجة ان لم يكن كذلك فقول هؤلاء في مثل هذا انا استدللنا بالعام على الخاص لبس عظيم فإن المدلول عليه وهو تحريم النبيذ المتنازع فيه مثلا وان كان أخص من تحريم المسكر والخمر فالدليل ليس هو القضية العامة بل الدليل أن النبيذ المتنازع فيه مسكر وهو احدى المقدمتين وهذه قضية خاصة أخص من مسمى المسكر فإن المسكر يتناول المتفق على تحريمه والمتنازع فيه وهذا هو الحد الاوسط وهو المتكرر في المقدمتين الذي هو محمول في الصغرى موضوع في الكبرى فالاستدلال وقع بإسكاره على أنه خمر ومحرم ومسكر النبيذ المتنازع فيه أخص من مسمى المسكر والخمر والمقدمة الثانية الكبرى وهي قولنا وكل مسكر خمر ليست هي الدليل بل لا بد من الصغرى معها وهي خاصة فالمدلول عليه ان كان تحريم النبيذ المتنازع فيه فهذا انما يدل على تحريمه أنه مسكر وليس اسكاره أعم منه بل يلزم من ثبوت اسكاره ثبوته فان ثبوت الموصوف بدون الصفة ممتنع فاسكاره دل على تحريمه وليس تحريمه أعم من اسكاره بل جنس الاسكار والحرام أعم من هذا المسكر فهذا المحرم لكن هذا العام ليس هو الدليل بدون الخاص بل قوله كل مسكر حرام يدل على تحريم كل مسكر مطلقا من غير تعيين فيكون الإسكار مستلزما للتحريم والمسكر أخص من الحرام وهذا إستدلال بالخاص على العام فوجود المسكر أخص من وجود الحرام حيث
النبوات [ جزء 1 - صفحة 195 ]
كان مسكر كان الحرام موجودا وليس اذا كان الحرام موجودا يجب وجود المسكر لان المحرمات كثيرة كالدم والميتة ولحم الخنزير فالحد الأوسط وهو المسكر دل على ثبوت الاعم وهو التحريم من الأخص في الاخص وهو النبيذ المتنازع فيه فالمدلول عليه التحريم وهو أعم من المسكر فهو استدلال بالخاص على العام لكن المعنى العام الكلي لا يوجد في الخارج عاما كليا بل معينا فهو استدلال على نوع من أنواعه وهو التحريم الثابت في النبيذ المتنازع فيه وهذا أخص من مطلق التحريم كما أن مسكره أخص من مطلق المسكر ومن هنا ظنوا أنهم استدلوا بالعام على الخاص حيث استدلوا بتحريم كل مسكر على تحريم هذا المسكر وليس الامر كذلك بل الذي دل على تحريم هذا المسكر ليس هو مجرد القضية العامة الكليةبل لا بد معها من قضية أخص منها جزئية مثل قولنا هذا النبيذ مسكر وبهذا الخاص يعلم ثبوت ذلك لا بمجرد العام والدليل هنا ليس هو أعم من المدلول عليه ولا يمكن ذلك قط وأما قولهم ان الاستدلال بالخاص على العام هو الاستقراء فمجرد الخاص ان لم يستلزم العام لا يدل عليه والمستقرئ ان لم يحصر الافراد لا يعلم أن ذلك المعنى شامل لها فما استدل بخاص على عام بل بعام مثله مطابق له وقولهم في قياس التمثيل انه استدلال بخاص على خاص ليس كذلك فان مجرد ثبوت الحكم في صورة لا يستلزم ثبوته في أخرى ان لم يكن بينهما قدر مشترك ولا يثبت بذلك حتى يقوم دليل على أن ذلك المشترك مستلزم للحكم والمشترك هو الذي يسمى في قياس التمثيل الجامع والوصف والعلة والمناط ونحو ذلك فإن لم يقم دليل على أن الحكم متعلق به لازم له لم يصح الاستدلال وهذا المشترك في قياس التمثيل هو الحد الاوسط في قياس الشمول بعينه فالمعنى في القياسين واحد ولكن التأليف والنظم متنوع اذا أراد أن يثبت تحريم النبيذ بقياس الشمول قال هذا هو حرام لأنه شراب مسكر فيكون حراما قياسا على المسكر من العنب فالدليل هو المسكر وهو المشترك وهو الحد الاوسط ثم لا يكفي ذلك حتى يبين أن العلة في الاصل هي المشترك فيقول وعصير العنب حرم لكونه مسكرا وهذا الوصف موجود في الفرع الذي هو صورة النزاع فيجب اشتراكهما في التحريم وقوله انه حرام لكونه مسكرا هي المقدمة الكبرى في قياس
النبوات [ جزء 1 - صفحة 196 ]
الشمول وهي قولنا كل مسكر حرام فثبت أن علة التحريم هي السكر إما بالنص وهو قوله كل مسكر حرام وإما بدلالة القرآن وهو أنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة وإما بالمناسبة وإما بالدوران وإما بالسبر والتقسيم كما قد عرف في موضعه وهو نظير ما يستدل به على ثبوت القضية الكبرى ثم الدليل قد يكون قطعيا وقد يكون ظنيا لخصوص المادة لا تعلق لذلك بصورة القياس فمن جعل قياس الشمول هو القطعي دون قياس التمثيل فقط غلط كما أن من جعل مسمى القياس هو التمثيل دون الشمول فلم يفهم معناه والذي عليه جمهور العلماء أن كلا منهما قياس قد يكون قطعيا وقد يكون ظنيا وطائفة يقولون اسم القياس لا يستعمل الا في الشمول كما يقوله ابن حزم ومن يقوله من المنطقيين وطائفة يقولون لا يستعمل حقيقة إلا في التمثيل ومن هؤلاء من يقول ليس في العقليات قياس وهذا مبسوط في مواضع والمقصود هنا التنبيه على جنس الادلة وأيضا فالدليل قد يكون مطابقا للمدلول عليه ملازما له ليس أعم منه كالكواكب التي في السماء المتلازمة التي يستدل بكل منها على الآخر وكالناطقية والانسانية التي يستدل بثبوت كل منهما على ثبوت الآخر وهذا خارج عن تقسيمهم فان هذا ليس استدلالا بعام على خاص ولا بخاص على عام ولا بخاص على نظيره بطريق التمثيل بل هو استدلال بأحد المتلازمين على الآخر قد يكونان عامين وخاصين فالكواكب خاصة والعام كالاستدلال بالحيوانية على الحس والحركة الا أنه استدلال بعام على عام ملازم له وكذلك الاستدلال بكونه جسما على وجود جنس العرض والاستدلال بوجود جنس العرض على وجود جنس الجسم هو استدلال بأحد العامين المتلازمين على الآخر والمقصود هنا أن هذه المعينات كالنجوم والجبال والطرق كلها آيات وأعلام وعلامات على ما هو لازم لها في العادة وكذلك قد يستدل على منزل الشخص بما هو ملازم من دور الجيران والباب وغير ذلك وشجرة هناك وغير ذلك من العلامات التي يذكرها الناس يستدلون بها ويدلون غيرهم بها وسميت الجبال أعلاما لأنها مرتفعة عالية والعالي يظهر ويعلم ويعرف قبل الشيء المنخفض ولهذا يوصف
النبوات [ جزء 1 - صفحة 197 ]
العالي بالظهور كقوله فما استطاعوا أن يظهروه ويقال ظهر الخطيب على المنبر ومنه قوله النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح وأنت الظاهر فليس فوقك شيء فأدخل معنى العلو في اسمه الظاهر لأن الظاهر يعلو والعالي يظهر وكذلك العالي يعرف قبل غيره ومنه قيل عرف الديك أصله فعل بمعنى مفعول أي معروف كما يقال كره بمعنى مكروهه ومنه الأعراف وهي أمكنة عالية بين الجنة والنار وقد قيل في قوله وعلامات وبالنجم أن العلامات هي النجوم منها ما يكون علامة لا يهتدى به ومنها ما يهتدى به وقول الأكثرين أصح فإن العلامات كلها يهتدى بها ولأنه قال وألقي في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات وهذا كله مما ألقاه في الأرض وهو منصوب بألقى أو بفعل من جنسه كما قال بعضهم أي وجعل في الأرض أنهارا لأن الألقاء من جنس الجعل وبسط ما في هذا من إعراب ومعان له مقام آخر والمقصود هنا ذكر العلامات والعلامات يدخل فيها ما تقدم من الرواسي والسبل فإن كونها رواسي وسبلا يسلكها الناس غير كونها علامات والعطف قد يكون لتغاير الصفات مع اتحاد الذات كقوله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى وأمثاله فكيف اذا كانت العلامات تتناول هذا وغيره فإن الجبال أعلام وهي علامات وكذلك الطرق يستدل بها السالك فيها ولهذا يسمى الطريق إماما لأن السالك يأتم به وكذلك يسمون ما يستدل به المستدل طريقا ومسلكا ويقال لاصحاب هذا القول عدة طرق ومسالك حتى أطلقوا على ما يصنف من الاحتجاج على مسائل النزاع طريقة لأنه فيه أدلة المصنف على موارد النزاع ومن هذا الباب الاستدلال على المرض بعلامات له والاستدلال بالاصوات فان كانت كلاما كانت الدلالة قصدية إرادية قصد المتكلم أن يدل بها وهي دلالة وضعية عقلية وان كانت غير كلام كانت الدلالة عقلية طبعية كما يستدل بالاصوات التي هي بكاء وانتحاب وضحك وقهقهة ونحنحة وتنخم ونحو ذلك على أحوال المصوت ومن الدلائل الشعائر مثل شعائر الاسلام الظاهرة التي تدل على أن الدار دار الاسلام
النبوات [ جزء 1 - صفحة 198 ]
كالأذان والجمع والأعياد وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قوما لم يغز حتى يصبح فإن سمع أذانا أمسك وان لم يسمع أذانا أغار بعدما يصبح هذا لفظ البخاري ولفظ مسلم كان يغير اذا طلع الفجر وكان يستمع الاذان فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار فسمع رجلا يقول الله اكبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفطرة ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله فقال خرجت من النار وعن عصام المزني قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا بعث السرية يقول اذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مناديا فلا تقتلوا أحدا رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ومن هذا النوع دلائل الجهات ومنه دلائل القبلة يستدل عليها بالنجوم والشمس والقمر والرياح والطرق وغير ذلك من الدلائل كما قد ذكر الناس ما ذكروه من دلائل القبلة
فصل والنوع الثاني ما يدل بقصد الدال به كالكلام وكالعقد باليد والاشارة بها أو بالعين أو الحاجب أو غير ذلك من الأعضاء وق
المصدر :
كتاب : النبوات لابن تيمية
>> عدد الأجزاء= 1 <<
النبوات