الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

كتاب النبوات، قال ابن تيمية : فصل والدليل الذي هو الآية والعلامة ينقسم إلى ما يدل بنفسه وإلى ما يدل بدلالة الدال به


فيكون الدليل في الحقيقة هو الدال به الذي قصد أن يدل به وقد جعل ذلك علامة وآية ودليلا والذي يدل بنفسه يعلم أنه يدل بنفسه وان لم يعلم أن أحدا جعله دليلا وان كان في نفس الأمر كل مخلوق قد جعله الله آية ودلالة وهو سبحانه عليم مريد فلا يمكن أن يقال لم يرد بالمخلوقات أن تكون أدلة له ولا أنها ليست دليلا يجعلها أدلة كما قد يطلقه طائفة من النظار ولكن يستدل بها مع عدم النظر في كونها جعلت أدلة كما قد يطلقه اذ كان فيها مقاصد كثيرة غير الدلالة والذي جعلها دليلا وهو الله جعل ذاتها يستدل بها مع قطع النظر عن كونها هي دليلا فما من مخلوق إلا ويمكن الاستدلال به على الخالق والمحدث نفسه يعلم بصريح العقل أن له محدثا وهذه الأدلة التي تدل بنفسها قد تسمى الأدلة العقلية ويسمى النوع الآخر الادلة الوضعية لكونها انما دلت بوضع واضع والتحقيق أن كلاهما عقلي إذا نظر فيه العقل علم مدلوله لكن هذه تدل بنفسها وتلك تدل بقصد الدال بها فيعلم بها قصده وقصده هو الدال بها كالكلام فإنه يدل بقصد المتكلم به وارادته وهو يدل على مراده وهو يدلنا بالكلام على ما أراد ثم يستدل بارادته على لوازمها فإن اللازم أبدا مدلول عليه بملزومه والآيات التي تدل بنفسها مجردة نوعان منها ما هو ملزوم مدلول عليه بذاته لا يمكن وجود ذاته دون وجود لازمه المدلول عليه مثل دلالة المخلوقات على الخالق ومنها ما هو مستلزم له مدة طويلة أو قصيرة فتدل عليه تلك المدة مثل نجوم السماوات فإنه يستدل بها على الجهات والامكنة وعلى غيرها من النجوم وعلى الزمان ماضيه وغابره ما دام العالم على هذه الصورة قال تعالى وألقي في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات وبالتجم هم يهتدون وقال تعالى وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون ثم قال وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ثم قال وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 192 ]  


نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا الى قوله ان في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون وقوله وألقي في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات هي علامات ألقاها في الأرض وهذا قول الأكثرين قالت طائفة هي معالم الطرق يستدل بها بالنهار ويستدل بالنجم بالليل وقالت طائفة هي الجبال وهي أيضا مما يستدل به ولهذا سماها الله أعلاما في قوله وله الجواري المنشآت في البحر كالأعلام فبأي آلاء ربكما تكذبان أي كالجبال والأعلام جمع علم والعلم ما يعلم به كالعلامة ومنه أعلام الطرق المنصوبة ومنه يقال لدلائل النبوة أعلام النبوة ويقال للراية المرفوعة انها علم وإنها جعلت علامة لصاحبها وأتباعه والعالم بالفتح مثل الخاتم ما يعلم به كما أن الخاتم ما يختم به وهو بمعنى العالم ويسمى كل صنف من المخلوقات عالما لأنه علم وبرهان على الخالق تعالى بخلاف العالم بالكسر فانه الذي يعلم كالخاتم بالكسر فإنه الذي يختم قال تعالى ولكن رسول الله وخاتم النبيين لأنه ختمهم كما يسمى الماحي والحاشر والعاقب وقد قرئ وخاتم أي ختموا به فالجبال أعلام وهي علامات لمن في البر والبحر يستدل بها على ما يقاربها من الأمكنة فانه يلزم من وجودها وجوده وهي لا تزال دالة ما دامت موجودة ومدلولها موجودا وهي أثبت من غيرها فقد يكون عندها قرية وسكان فيكون علما عليهم ثم قد تخرب القرية ويذهب السكان فتزول الدلالة لزوال الملزوم وهذا كله مما يبين أن الدليل قد يكون معينا بل الآيات كلها معينة وأن يكون مطابقا ملازما لمدلوله ليس أحدهما أعم من الآخر كالثريا مع الدبران وكالجدي مع بنات نعش ونحو ذلك فتبين غلط من ذكر أنه يحصر الادلة فيقال إما أن يستدل بالعام على الخاص أو بالخاص على العام أو بأحد الخاصين على الآخر والأول هو القياس الشمولي والثاني هو الاستقراء والثالث هو التمثيل وقد بينا ما في هذا الكلام من الغلط في حصره وفي حكم أقسامه فإن هؤلاء المقسمون للأمور العامة كثيرا ما يغلطون في هذا وهذا إذ كان المقسم يجب أن يستوفي جميع الأقسام ولا يدخل فيها ما ليس منها كالحاد وهم يغلطون فيها كثيرا


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 193 ]  


لعدم إحاطتهم بأقسام المقسوم كما يقسمون أقسام الموجودات أو أقسام مدارك العلم أو أقسام العلوم أو غير ذلك وليس معهم دليل على الحصر الا عدم العلم وحصر الأقسام في المقسوم هو من الاستقراء ثم إذا حكموا على تلك الأقسام بأحكام فقد يغلطون أيضا كما قد ذكر هذا في غير هذا الموضع مثل غلط من حصر الأدلة في هذه الأنواع من أهل المنطق ومن تبعهم وقد بسط هذا في مواضع وذلك مثل قولهم الدليل إما أن يستدل بالعام على الخاص أو بالخاص على العام أو بأحد الخاصين على الآخر فان الدليل أولا لا يكون قط أعم من المدلول عليه إما مساويا له وإما أخص منه فإن الدليل ملزوم للمدلول عليه والملزوم حيث تحقق تحقق اللازم وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم فحيث تحقق الدليل تحقق المدلول عليه فإذا كان مساويا له أو أخص كان حيث تحقق المدلول كما أنه حيث تحقق ما هو ناطق النطق الذي يختص الانسان تحقق الانسان وتحقق أيضا ما هو أعم من الانسان وهو ثبوت حيوان وجسم حساس تام متحرك بالارادة بمعنى أنه تحقق مطلق هذا الجنس وإلا فلم يوجد شيء أعم من الانسان بمجرد وجوده لكن وجد من صفاته ما يشبه به غيره ويصح اطلاقه عليه وعلى غيره وهو مسمى الجسم والحيوان ونحو ذلك وكذلك إذا وجد آية أو خبر يدل على الايجاب أو التحريم لزم ثبوت الايجاب أو التحريم وقد ثبت الايجاب والتحريم بآية أخرى أو خبر آخر فلهذا قيل الدليل يجب طرده ولا يجب عكسه وإذا كان الدليل لا يكون أعم من المدلول عليه فقولهم إما أن يستدل بالعام على الخاص إنما أرادوا به القياس الشمولي الذي هو مقدمتان صغرى وكبرى كقولنا النبيذ المتنازع فيه مسكر وكل مسكر حرام أو كل مسكر خمر كما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كل مسكر خمر وكل مسكر حرام بين أن المسكر موصوف بأنه خمر وبأنه حرام ولم يقصد القياس الشمولي وهو أن يستدل على أن المسكر حرام فالرسول أجل من هذا شرعا وعقلا صلى الله عليه وسلم فإنه بكلامه تثبت الاحكام وغيره إذا قال كل مسكر خمر أو حرام احتاج أن يستدل عليه وأما هو فيستدل بنفس كلامه والنظم الشمولي المنطقي


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 194 ]  


لا يوجد في كلام فصيح بل هو طويل لا يحتاج اليه كما قد بسط في مواضع وبين أن الدليل قد يكون مقدمة واحدة وقد يكون مقدمتين وقد يكون ثلاث مقدمات وأربعا وأكثر بحسب ما يحتاج اليه المستدل الطالب لدلالة نفسه أو الطالب ليدل غيره فإنه قد لا يحتاج الا الى مقدمة واحدة مثل من عرف أن الخمر حرام لكن لم يعرف أن كل مسكر هو خمر فإذا عرف بالنص أن كل مسكر خمر عرف أن مسكر حرام وكان علمه موقوفا على مقدمة واحدة بخلاف من لم يكن عرف بعد أن الخمر حرام فيحتاج الى مقدمة ثانية ثم ان كان عرف أن محمدا رسول الله بنصوصه المتواترة كفاه ذلك وإن كان لم يقر بنبوته احتاج الى مقدمة ثالثة وهو الايمان بأنه رسول الله لا يقول على الله الا الحق ويذكر له من دلائل النبوة وأعلامها ما يعرف به ذلك فيهتدي أن كان طالب علم وتقوم عليه الحجة ان لم يكن كذلك فقول هؤلاء في مثل هذا انا استدللنا بالعام على الخاص لبس عظيم فإن المدلول عليه وهو تحريم النبيذ المتنازع فيه مثلا وان كان أخص من تحريم المسكر والخمر فالدليل ليس هو القضية العامة بل الدليل أن النبيذ المتنازع فيه مسكر وهو احدى المقدمتين وهذه قضية خاصة أخص من مسمى المسكر فإن المسكر يتناول المتفق على تحريمه والمتنازع فيه وهذا هو الحد الاوسط وهو المتكرر في المقدمتين الذي هو محمول في الصغرى موضوع في الكبرى فالاستدلال وقع بإسكاره على أنه خمر ومحرم ومسكر النبيذ المتنازع فيه أخص من مسمى المسكر والخمر والمقدمة الثانية الكبرى وهي قولنا وكل مسكر خمر ليست هي الدليل بل لا بد من الصغرى معها وهي خاصة فالمدلول عليه ان كان تحريم النبيذ المتنازع فيه فهذا انما يدل على تحريمه أنه مسكر وليس اسكاره أعم منه بل يلزم من ثبوت اسكاره ثبوته فان ثبوت الموصوف بدون الصفة ممتنع فاسكاره دل على تحريمه وليس تحريمه أعم من اسكاره بل جنس الاسكار والحرام أعم من هذا المسكر فهذا المحرم لكن هذا العام ليس هو الدليل بدون الخاص بل قوله كل مسكر حرام يدل على تحريم كل مسكر مطلقا من غير تعيين فيكون الإسكار مستلزما للتحريم والمسكر أخص من الحرام وهذا إستدلال بالخاص على العام فوجود المسكر أخص من وجود الحرام حيث


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 195 ]  


كان مسكر كان الحرام موجودا وليس اذا كان الحرام موجودا يجب وجود المسكر لان المحرمات كثيرة كالدم والميتة ولحم الخنزير فالحد الأوسط وهو المسكر دل على ثبوت الاعم وهو التحريم من الأخص في الاخص وهو النبيذ المتنازع فيه فالمدلول عليه التحريم وهو أعم من المسكر فهو استدلال بالخاص على العام لكن المعنى العام الكلي لا يوجد في الخارج عاما كليا بل معينا فهو استدلال على نوع من أنواعه وهو التحريم الثابت في النبيذ المتنازع فيه وهذا أخص من مطلق التحريم كما أن مسكره أخص من مطلق المسكر ومن هنا ظنوا أنهم استدلوا بالعام على الخاص حيث استدلوا بتحريم كل مسكر على تحريم هذا المسكر وليس الامر كذلك بل الذي دل على تحريم هذا المسكر ليس هو مجرد القضية العامة الكليةبل لا بد معها من قضية أخص منها جزئية مثل قولنا هذا النبيذ مسكر وبهذا الخاص يعلم ثبوت ذلك لا بمجرد العام والدليل هنا ليس هو أعم من المدلول عليه ولا يمكن ذلك قط وأما قولهم ان الاستدلال بالخاص على العام هو الاستقراء فمجرد الخاص ان لم يستلزم العام لا يدل عليه والمستقرئ ان لم يحصر الافراد لا يعلم أن ذلك المعنى شامل لها فما استدل بخاص على عام بل بعام مثله مطابق له وقولهم في قياس التمثيل انه استدلال بخاص على خاص ليس كذلك فان مجرد ثبوت الحكم في صورة لا يستلزم ثبوته في أخرى ان لم يكن بينهما قدر مشترك ولا يثبت بذلك حتى يقوم دليل على أن ذلك المشترك مستلزم للحكم والمشترك هو الذي يسمى في قياس التمثيل الجامع والوصف والعلة والمناط ونحو ذلك فإن لم يقم دليل على أن الحكم متعلق به لازم له لم يصح الاستدلال وهذا المشترك في قياس التمثيل هو الحد الاوسط في قياس الشمول بعينه فالمعنى في القياسين واحد ولكن التأليف والنظم متنوع اذا أراد أن يثبت تحريم النبيذ بقياس الشمول قال هذا هو حرام لأنه شراب مسكر فيكون حراما قياسا على المسكر من العنب فالدليل هو المسكر وهو المشترك وهو الحد الاوسط ثم لا يكفي ذلك حتى يبين أن العلة في الاصل هي المشترك فيقول وعصير العنب حرم لكونه مسكرا وهذا الوصف موجود في الفرع الذي هو صورة النزاع فيجب اشتراكهما في التحريم وقوله انه حرام لكونه مسكرا هي المقدمة الكبرى في قياس


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 196 ]  


الشمول وهي قولنا كل مسكر حرام فثبت أن علة التحريم هي السكر إما بالنص وهو قوله كل مسكر حرام وإما بدلالة القرآن وهو أنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة وإما بالمناسبة وإما بالدوران وإما بالسبر والتقسيم كما قد عرف في موضعه وهو نظير ما يستدل به على ثبوت القضية الكبرى ثم الدليل قد يكون قطعيا وقد يكون ظنيا لخصوص المادة لا تعلق لذلك بصورة القياس فمن جعل قياس الشمول هو القطعي دون قياس التمثيل فقط غلط كما أن من جعل مسمى القياس هو التمثيل دون الشمول فلم يفهم معناه والذي عليه جمهور العلماء أن كلا منهما قياس قد يكون قطعيا وقد يكون ظنيا وطائفة يقولون اسم القياس لا يستعمل الا في الشمول كما يقوله ابن حزم ومن يقوله من المنطقيين وطائفة يقولون لا يستعمل حقيقة إلا في التمثيل ومن هؤلاء من يقول ليس في العقليات قياس وهذا مبسوط في مواضع والمقصود هنا التنبيه على جنس الادلة وأيضا فالدليل قد يكون مطابقا للمدلول عليه ملازما له ليس أعم منه كالكواكب التي في السماء المتلازمة التي يستدل بكل منها على الآخر وكالناطقية والانسانية التي يستدل بثبوت كل منهما على ثبوت الآخر وهذا خارج عن تقسيمهم فان هذا ليس استدلالا بعام على خاص ولا بخاص على عام ولا بخاص على نظيره بطريق التمثيل بل هو استدلال بأحد المتلازمين على الآخر قد يكونان عامين وخاصين فالكواكب خاصة والعام كالاستدلال بالحيوانية على الحس والحركة الا أنه استدلال بعام على عام ملازم له وكذلك الاستدلال بكونه جسما على وجود جنس العرض والاستدلال بوجود جنس العرض على وجود جنس الجسم هو استدلال بأحد العامين المتلازمين على الآخر والمقصود هنا أن هذه المعينات كالنجوم والجبال والطرق كلها آيات وأعلام وعلامات على ما هو لازم لها في العادة وكذلك قد يستدل على منزل الشخص بما هو ملازم من دور الجيران والباب وغير ذلك وشجرة هناك وغير ذلك من العلامات التي يذكرها الناس يستدلون بها ويدلون غيرهم بها وسميت الجبال أعلاما لأنها مرتفعة عالية والعالي يظهر ويعلم ويعرف قبل الشيء المنخفض ولهذا يوصف


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 197 ]  


العالي بالظهور كقوله فما استطاعوا أن يظهروه ويقال ظهر الخطيب على المنبر ومنه قوله النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح وأنت الظاهر فليس فوقك شيء فأدخل معنى العلو في اسمه الظاهر لأن الظاهر يعلو والعالي يظهر وكذلك العالي يعرف قبل غيره ومنه قيل عرف الديك أصله فعل بمعنى مفعول أي معروف كما يقال كره بمعنى مكروهه ومنه الأعراف وهي أمكنة عالية بين الجنة والنار وقد قيل في قوله وعلامات وبالنجم أن العلامات هي النجوم منها ما يكون علامة لا يهتدى به ومنها ما يهتدى به وقول الأكثرين أصح فإن العلامات كلها يهتدى بها ولأنه قال وألقي في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات وهذا كله مما ألقاه في الأرض وهو منصوب بألقى أو بفعل من جنسه كما قال بعضهم أي وجعل في الأرض أنهارا لأن الألقاء من جنس الجعل وبسط ما في هذا من إعراب ومعان له مقام آخر والمقصود هنا ذكر العلامات والعلامات يدخل فيها ما تقدم من الرواسي والسبل فإن كونها رواسي وسبلا يسلكها الناس غير كونها علامات والعطف قد يكون لتغاير الصفات مع اتحاد الذات كقوله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى وأمثاله فكيف اذا كانت العلامات تتناول هذا وغيره فإن الجبال أعلام وهي علامات وكذلك الطرق يستدل بها السالك فيها ولهذا يسمى الطريق إماما لأن السالك يأتم به وكذلك يسمون ما يستدل به المستدل طريقا ومسلكا ويقال لاصحاب هذا القول عدة طرق ومسالك حتى أطلقوا على ما يصنف من الاحتجاج على مسائل النزاع طريقة لأنه فيه أدلة المصنف على موارد النزاع ومن هذا الباب الاستدلال على المرض بعلامات له والاستدلال بالاصوات فان كانت كلاما كانت الدلالة قصدية إرادية قصد المتكلم أن يدل بها وهي دلالة وضعية عقلية وان كانت غير كلام كانت الدلالة عقلية طبعية كما يستدل بالاصوات التي هي بكاء وانتحاب وضحك وقهقهة ونحنحة وتنخم ونحو ذلك على أحوال المصوت ومن الدلائل الشعائر مثل شعائر الاسلام الظاهرة التي تدل على أن الدار دار الاسلام


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 198 ]  


كالأذان والجمع والأعياد وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قوما لم يغز حتى يصبح فإن سمع أذانا أمسك وان لم يسمع أذانا أغار بعدما يصبح هذا لفظ البخاري ولفظ مسلم كان يغير اذا طلع الفجر وكان يستمع الاذان فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار فسمع رجلا يقول الله اكبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفطرة ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله فقال خرجت من النار وعن عصام المزني قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا بعث السرية يقول اذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مناديا فلا تقتلوا أحدا رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ومن هذا النوع دلائل الجهات ومنه دلائل القبلة يستدل عليها بالنجوم والشمس والقمر والرياح والطرق وغير ذلك من الدلائل كما قد ذكر الناس ما ذكروه من دلائل القبلة
فصل والنوع الثاني ما يدل بقصد الدال به كالكلام وكالعقد باليد والاشارة بها أو بالعين أو الحاجب أو غير ذلك من الأعضاء وق









المصدر :
كتاب : النبوات لابن تيمية
  >> عدد الأجزاء= 1  <<
النبوات

سير اعلام النبلاء قال الامام الذهبي : السنة التاسعة:


قيل: وفي ربيع الأول بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا إلى القرطاء، عليهم الضحاك بن سفيان الكلابي، ومعه الأصيد بن سلمة بن قرط، فلقوهم بالزج، زج لاوة، فدعوهم إلى الإسلام، فأبوا، فقاتلوهم فهزموهم، فلحق الأصيد أباه سلمة، فدعاه إلى الإسلام وأعطاه الأمان، فسبه وسب دينه، فعرقب الأصيد عرقوبي فرسه. ثم جاء رجل من المسلمين فقتل سلمة، ولم يقتله ابنه.
وفي ربيع الآخر، قيل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن ناسا من الحبشة تراآهم أهل جدة.
فبعث النبي صلى الله عليه وسلم علقمة بن مجزز المدلجي في ثلاث مائة، فانتهى إلى جزيرة في البحر، فهربوا منه.
وفي ربيع الآخر سرية علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأرضاه إلى الفلس؛ صنم طيئ، ليهدمه، في خمسين ومائة رجل من الأنصار، على مائة بعير وخمسين فرسا، ومعه راية سوداء، ولواء أبيض. فشنوا الغارة على محلة آل حاتم مع الفجر، فهدموا الفلس وخربوه، وملأوا أيديهم من السبي والنعم والشاء، وفي السبي أخت عدي بن حاتم، وهرب عدي إلى الشام.
وفي هذه الأيام كانت سرية عكاشة بن محصن إلى أرض عذرة.
ذكر هذه السرايا شيخنا الدمياطي في "مختصر السيرة"، وأظنه أخذه من كلام الواقدي.
وفي رجب: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل مسيره إلى تبوك على أصحمة النجاشي، صاحب الحبشة -رضي الله عنه- وأصحمة بالعربي: عطية. وكان قد آمن بالله ورسوله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد مات أخ لكم بالحبشة". فخرج بهم إلى المصلى، وصفهم، وصلى عليه.
قال ابن إسحاق: حدثني يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة، قالت: لم مات النجاشي كان يتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور.
"ويكتب هنا الخبر الذي في السيرة قبل إسلام عمر".
(2/157)

وفي رجب غزوة تبوك:
قال ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما كان يخرج في غزوة إلا أظهر أنه 






المصدر :   

 
الكتاب: سير أعلام النبلاء
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)
الناشر: دار الحديث- القاهرة
الطبعة: 1427هـ-2006م
عدد الأجزاء: 18
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

من كتب المكتبة الشاملة

الأربعاء، 25 يونيو 2014

كتاب النبوات، قال ابن تيمية : فصل الدليل الذي هو الآية والبرهان

كتاب النبوات،
قال ابن تيمية :
فصل الدليل الذي هو الآية والبرهان يجب طرده كما تقدم فإنه لو كان تارة يتحقق مع وجود المدلول عليه وتارة يتحقق مع عدمه فإذا تحقق لم يعلم هل وجد المدلول أم لا فإنه كما يوجد مع وجوده يوجد مع عدمه ولهذا كان الدليل إما مساويا للمدلول عليه وإما أخص منه لا يكون أعم من المدلول ولهذا لم يكن للأمور المعتادة دلالة على ما هو أخص كطلوع الشمس والقمر والكواكب لا يدل على صدق أحد ولا كذبه لا مدعي النبوة ولا غيره فإنها توجد مع كذب الكاذب كما توجد مع صدق الصادق لكن يدل على ما هو أعم منها وهو وجود الرب وقدرته ومشيئته وحكمته فان وجود ذاته وصفاته ثابت سواء كانت هذه المخلوقات موجودة أو لم تكن فيلزم من وجود المخلوق وجود خالقه ولا يلزم من عدمه عدم خالقه فلهذا كانت المخلوقات كلها آيات للرب فما من مخلوق إلا وهو آية له هو دليل وبرهان وعلامة على ذاته وصفاته ووحدانيته وإذا عدم كان غيره من المخلوقات يدل على ما دل عليه ويجتمع على المعلوم الواحد من الادلة ما لا يحصيه الا الله وقد يكون الشيء مستلزما لدليل معين فإذا عدم عرف انتفاؤه وهذا مما يكون لازما ملزوما فتكون الملازمة من الطرفين فيكون كل منهما دليلا وإذا قدر انتفاؤه كان دليلا على انتفاء الآخر كالادلة على الاحكام الشرعية فما من حكم إلا جعل الله عليه دليلا وإذا قدر انتفاء جميع الأدلة الشرعية على حكم علم أنه ليس حكما شرعيا وكذلك ما تتوفر الههم والدواعي على نقله فإنه اذا نقل دل التواتر على وجوده وإذا لم ينقل مع توفر الهمم والدواعي على نقله لو كان موجودا علم أنه لم يوجد كالأمور الظاهرة التي يشترك فيها الناس مثل موت ملك وتبدل ملك


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 188 ]  


بملك وبناء مدينة ظاهرة وحدوث حادث عظيم في المسجد أو البلد فمثل هذه الامور لا بد أن ينقلها الناس اذا وقعت فإذا لم تنقل نقلا عاما بل نقلها واحد علم أنه قد كذب وهذا مبسوط في غير هذا الموضع وقد بسط في غير هذا الموضع الفرق بين الآية التي هي علامة تدل على نفس المعلوم وبين القياس الشمولي الذي لا يدل الا على قدر كلي مشترك لا يدل على شيء معين اذ كان لا بد فيه من قضية كلية وأن ذلك القياس لا يفيد العلم بأعيان الأمور الموجودة ولا يفيد معرفة شيء لا الخالق ولا نبي من أنبيائه ولا نحو ذلك بل اذا قيل كل محدث فلا بد له من محدث دل على محدث مطلق لا يدل على عينه بخلاف آيات الله فانها تدل على عينه وبينا أن القرآن ذكر الاستدلال بآيات الله وقد يستدل بالقياس الشمولي والتمثيلي لكن دلالة الآيات أكمل وأتم وتبين غلط من عظم دلالة القياس الشمولي المنطقي وأنهم من أبعد الناس عن العلم والبيان وذكرنا أيضا غلط من فضل الشمولي على التمثيلي وأنهما من جنس واحد والتمثيلي أنفع وإنما الآيات تكون أحسن وقد ذكر أبو الفرج بن الجوزي ما ذكره أبو بكر بن الأنباري وغيره في الآيات آيات القرآن مثل قوله قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين ثلاثة اقوال قال في معنى الآية ثلاثة أقوال أحدها أنها العلامة فمعنى آية علامة لانقطاع الكلام الذي قبلها وبعدها قال الشاعر ... ألا أبلغ لديك بني تميم ... بآية ما يحبون الطعاما ...
وقال النابغة ... توهمت آيات لها فعرفتها ... لستة أعوام وذا العام سابع ...
قال وهذا اختيار أبي عبيد قلت أما أن الآية هي العلامة في اللغة فهذا صحيح وما استشهد به من الشعر يشهد لذلك وأما تسمية الآية من القرآن آية لأنها علامة صحيح لكن قول القائل إنها علامة لانقطاع الكلام الذي قبلها وبعدها ليس بطائل فإن هذا المعنى الحد والفصل فالآية مفصولة عما قبلها وعما بعدها وليس معنى كونها آية هو هذا وكيف وآخر الآيات آية مثل آخر سورة الناس وكذلك آخر آية من السورة وليس بعدها شيء وأول الآيات آية وليس قبلها شيء مثل أول آية من


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 189 ]  


القرآن ومن السورة وإذا قرئت الآية وحدها كانت آية وليس معها غيرها وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح ان تعذبهم فانهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم فهي آية في نفسها لا لكونها منقطعة مما قبلها وما بعدها وأيضا فكونه علامة على هذا الانقطاع قدر مشترك بين جميع الاشياء التي يتميز بعضها عن بعض ولا تسمى آيات والسورة متميزة عما قبلها وما بعدها وهي آيات كثيرة وأيضا فالكلام الذي قبلها منقطع وما قبلها آية فليست دلالة الثانية على الانقطاع بأولى من دلالة الأولى عليه وأيضا فكيف يكون كونها آية علامة للتمييز بينها وبين غيرها والله سماها آياته فقال تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق والصواب أنها آية من آيات الله أي علامة من علاماته ودلالة من أدلة الله وبيان من بيانه فان كل آية قد بين فيها من أمره وخبره ما هي دليل عليه وعلامة عليه فهي آية من آياته وهي أيضا دالة على كلام الله المباين لكلام المخلوقين فهي دلالة على الله سبحانه وعلى ما أرسل بها رسوله ولما كانت كل آية مفصولة بمقاطع الآي التي يختم بها كل آية صارت كل جملة مفصولة بمقاطع الآي آية ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف على رءوس الآي كما نعتت قراءته الحمد لله رب العالمين ويقف الرحمن الرحيم ويقف مالك يوم الدين ويقف ويسمى أصحاب الوقف وقف السنة لأن كل آية لها فصل ومقطع تتميز به عن الاخرى قال والوجه الثاني أنها سميت آية لأنها جماعة حروف من القرآن وطائفة منه قال أبو عمر الشيباني يقال خرج القوم بآيتهم أي بجماعتهم وأنشدوا ... خرجنا من النقبين لاحي مثلنا ... بآياتنا نزجي اللقاح المطافلا ...
قلت هذا فيه نظر فإن قولهم خرج القوم بآيتهم قد يراد به بالعلامة التي تجمعهم مثل الراية واللواء فإن العادة أن كل قوم لهم أمير تكون له آية يعرفون بها فاذا أخرج الامير آيتهم اجتمعوا اليه ولهذا سمى ذلك علما والعلم هي العلامة والآية ويسمى راية لانه يرى فخروجهم بآيتهم أي بالعلم والآية التي تجمعهم فيستدل به على خروجهم جميعهم فإن الامير المطاع اذا خرج لم يتخلف أحد


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 190 ]  


بخلاف ما اذا خرج بعض أمرائه وإلا فلفظ الآية هي العلامة وهذا معلوم بالاضطرار من اللغة والاشتراك في اللفظ لا يثبت بأمر محتمل قال والثالث أنها سميت آية لانها عجب وذلك أن قارئها يستدل اذا قرأها على مباينتها لكلام المخلوقين وهذا كما يقول فلان آية من الآيات أي عجب من العجائب ذكره ابن الأنباري قلت هذا القول هو داخل في معنى كونها آية من آيات الله فإن آيات الله كلها عجيبة فإنها خارجة عن قدرة البشر وعما قد يشبه بها من مقدور البشر والقرآن كله عجب تعجبت به الجن كما حكى عنهم تعالى انهم قالوا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا فإنه كلام خارج عن المعهود من الكلام وهو كما في الحديث لا تنقضي عجائبه ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد وكل آية لله خرجت عن المعتاد فهي عجب كما قال تعالى أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا فالآيات العلامات والدلالة ومنها مألوف معتاد ومنها خارج عن المألوف المعتاد وآيات القرآن من هذا الباب فالقرآن عجب لا لأن مسمى الآية هو مسمى العجب بل مسمى الآية أعم ولهذا قال كانوا من آياتنا عجبا ولكن لفظ الآية قد يخص في العرف بما يحدثه الله وإنها غير المعتاد دائما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله وانهما لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده وقد قال تعالى وما منعنا أن نرسل بالآيات الا أن كذب بها الاولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات الا تخويفا وفي الحديث الصحيح لما دخلت أسماء على عائشة وهي في الصلاة فسألتها فقالت سبحان الله فقالت آية فأشارت أي نعم وتسمى صلاة الكسوف صلاة الآيات وهي مشروعة في أحد القولين في مذهب أحمد في جميع الآيات التي يحصل بها التخويف كانتثار الكواكب والظلمة الشديدة وتصلى للزلزلة نص عليه كما جاء الأثر بذلك فهذه الآيات أخص من مطلق الآيات وقد قال تعالى وما تأتيهم من آية من آيات ربهم الا كانوا عنها معرضين وقال صلى الله عليه وسلم ثلاث آيات يتعلمهن خير له من ثلاث خلفات سمان


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 191 ]  


فصل والدليل الذي هو الآية والعلامة ينقسم إلى ما يدل بنفسه وإلى ما يدل بدلالة الدال به فيكون الدليل ف









المصدر :
كتاب : النبوات لابن تيمية
  >> عدد الأجزاء= 1  <<
النبوات

كتاب سير اعلام النبلاء قال الامام الذهبي : وفي سنة ثمان

كتاب سير اعلام النبلاء
قال الامام الذهبي :
وفي سنة ثمان
توفيت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم وأكبر بناته، وهي التي غسلتها أم عطية الأنصارية، وأعطاها النبي صلى الله عليه وسلم حقوه، وقال: أشعرنها إياه. فجعلته شعارها تحت كفنها. وقد ولدت زينب من أبي العاص بن الربيع بن عبد شمس أمامة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحملها في الصلاة.
وفيها: عمل منبر النبي صلى الله عليه وسلم، فخطب عليه، وحن إليه الجذع الذي كان يخطب عنده.
وفيها: ولد إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيها: وهبت سودة أم المؤمنين يومها لعائشة، رضي الله عنها.
وفيها: توفي مغفل بن عبد نهم بن عفيف المزني؛ والد عبد الله؛ وله صحبة.
وفيها: مات ملك العرب بالشام؛ الحارث بن أبي شمر الغساني، كافرا. وولي بعده جبلة بن الأيهم.
فروى أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، عن ابن عائذ، عن الواقدي، عن عمر بن عثمان الجحشي، عن أبيه، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب إلى الحارث بن أبي شمر وهو بالغوطة، فسار من المدينة في ذي الحجة سنة ست. قال: فأتيته فوجدته يهيئ الإنزال لقيصر، وهو جاء من حمص إلى إيلياء؛ إذ كشف الله عنه جنود فارس؛ تشكر الله.
فلما قرأ الكتاب رمي به؛ وقال: ومن ينزع مني ملكي؟ أنا سائر إليه بالناس. ثم عرض إلى الليل، وأمر بالخيل تنعل، وقال: أخبر صاحبك بما ترى. فصادف قيصر بإيلياء وعنده دحية الكلبي بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكتب قيصر إليه: أن لا يسير إليه، واله عنه، وواف إيلياه.
قال شجاع: فقدمت، وأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "باد ملكه". ويقال: حج بالناس عتاب بن أسيد أمير مكة. وقيل: حج الناس أوزاعا1.
حكاهما الواقدي. والله أعلم.
__________
1 أوزاعا: متفرقين.
(2/156)

السنة التاسعة:
قيل: وفي ربيع الأول بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا إلى 






المصدر :   

 
الكتاب: سير أعلام النبلاء
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)
الناشر: دار الحديث- القاهرة
الطبعة: 1427هـ-2006م
عدد الأجزاء: 18
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

من كتب المكتبة الشاملة

كتاب سير اعلام النبلاء قال الامام الذهبي : قصة كعب بن زهير:

كتاب سير اعلام النبلاء
قال الامام الذهبي :
قصة كعب بن زهير:
ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم: من منصرفه، كتب بجير بن زهير؛ يعني إلى أخيه كعب بن زهير، يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه، وأن من بقي من شعراء قريش؛ ابن الزبعري، وهبيرة بن أبي وهب، قد ذهبوا في كل وجه، فإن كانت لك في نفسك حاجة فطر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا، وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجائك من الأرض.
وكان كعب قد قال:
ألا أبلغا عني بجيرا رسالة ... فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا
فبين لنا إن كنت لست بفاعل ... على أي شيء غير ذلك دلكا
على خلق لم ألف يوما أبا له ... عليه وما تلفي عليه أخا لكا
فإن أنت لم تفعل فلست بآسف ... ولا قاتل إما عثرت: لعا لكا
سقاك بها المأمون كأسا روية ... فأنهلك المأمون منها وعلكا
فلما أتت بجيرا كره أن يكتمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنشده إياها. فقال لما سمع "سقاك بها المأمون": "صدق وإنه لكذوب". ولما سمع: "على خلق لم تلف أما ولا أبا عليه". قال: "أجل لم يلف عليه أباه ولا أمه".
ثم قال بجير لكعب:
من مبلغ كعبا فهل لك في التي ... تلوم عليها باطلا وهي أحزم
(2/151)

إلى الله -لا العزى ولا اللات- وحده ... فتنجو إذا كان النجاء وتسلم
لدى يوم لا تنجو ولست بمفلت ... من الناس إلا طاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شيء دينه ... ودين أبي سلمى علي محرم
فلما بلغ كعبا الكتاب ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وأشفق على نفسه، وأرجف به من كان في حاضره من عدوه، فقالوا: هو مقتول. فلما لم يجد من شيء بدا قال قصيدته، وقدم المدينة.
وقال إبراهيم بن ديزيل، وغيره: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: حدثنا الحجاج ابن ذي الرقيبة بن عبد الرحمن بن كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني، عن أبيه، عن جده، قال: خرج كعب وبجير أخوه ابنا زهير حتى أتيا أبرق العزاف، فقال بجير لكعب: اثبت هنا حتى آتي هذا الرجل فأسمع ما يقول. قال: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليه الإسلام فأسلم، فبلغ ذلك كعبا، فقال:
ألا أبلغا عني بجيرا رسالة ... فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا
سقاك بها المأمون كاسا روية ... وأنهلك المأمور منها وعلكا
ويروى: سقاك أبو بكر بكأس روية.
ففارقت أسباب الهدى وتبعته ... على أي شيء ويب1 غيرك دلكا
على مذهب لم تلف أما ولا أبا ... عليه، ولم تعرف عليه أخا لكا
فاتصل الشعر بالنبي صلى الله عليه وسلم فأهدر دمه. فكتب بجير إليه بذلك، ويقول له: النجاء وما أراك تنفلت. ثم كتب إليه: اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا قبل ذلك منه، وأسقط ما كان قبل ذلك. فأسلم كعب، وقال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل حتى أناخ راحلته بباب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه مكان المائدة من القوم، والقوم متحلقون معه حلقة دون حلقة، يلتفت إلى هؤلاء مرة فيحدثهم، وإلى هؤلاء مرة فيحدثهم.
قال كعب: فأنخت راحلتي، ودخلت، فعرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفة، فتخطيت حتى
__________
1 ويب: ويل.
(2/152)

جلست إليه فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، الأمان يا رسول الله. قال: "ومن أنت"؟ قلت: أنا كعب بن زهير. قال: "الذي يقول": ثم التفت إلى أبي بكر، فقال: "كيف يا أبا بكر". فأنشده:
سقاك أبو بكر بكأس روية ... وأنهلك المأمور منها وعلكا
قلت: يا رسول الله، ما قلت هكذا. قال: "فكيف قلت"؟. قلت: إنما قلت:
وأنهلك المأمون منها وعلكا
فقال: "مأمون، والله".
قال: ثم أنشده:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول1 ... متيم إثرها لم يلف مكبول
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا ... إلا أغن غضيض الطرف مكحول
تجلوا عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت ... كأنه منهل بالراح معلول
شجت بذي شبم من ماء محنية ... صاف بأبطح أضحى وهو مشمول2
تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه ... من صوب سارية بيض يعاليل3
أكرم بها خلة لو أنها صدقت ... موعودها، أو لو أن النصح مقبول
لكنها خلة قد سيط من دمها ... فجع وولع وإخلاف وتبديل4
فما تدوم على حال تكون بها ... كما تلون في أثوابها الغول5
__________
1 متبول: أي مصاب بتبل، وهو الذحل والعداوة. قلب متبول إذا غلبه الحب وهيمه. وتبله الحب يتبله وأتبله: أسقمه وأفسده، وقيل: تبله تبلا ذهب بعقله.
2 شجت: مزجت وخلطت. وذي شبم: ماء بارد. ومشمول: ريح الشمال وقد ضربته فبرد ماؤه وصفا.
3 اليعاليل: سحائب بعضها فوق بعض، الواحد يعلول. ويقال: اليعاليل نفاخات تكون فوق الماء من وقع المطر، والياء زائدة، واليعلول: المطر بعد المطر.
4 سيط: خلط. الفجع: الرزية والمصيبة المؤلمة. والولع: بالتسكين الكذب.
5 الغول: الداهية.
(2/153)

ولا تمسك بالعهد الذي زعمت ... إلا كما يمسك الماء الغرابيل
فلا يغرنك ما منت وما وعدت ... إن الأماني والأحلام تضليل
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا ... وما مواعيدها إلا الأباطيل
أرجو وآمل أن تدنو مودتها ... وما إخال لدينا منك تنويل
أمست سعاد بأرض لا يبلغها ... إلا العتاق النجيبات المراسيل
ولن يبلغها إلا عذافرة1 ... فيها على الأين إرقال وتبغيل2
من كل نضاخة الذفرى3 إذا عرقت ... عرضتها طامس الأعلام مجهول
ترمي الغيوب بعيني مفرد لهق4 ... إذا توقدت الحزان والميل5
ضخم مقلدها، فعم6 مقيدها ... في خلقها عن بنات الفحل تفضيل
غلباء وجناء علكوم مذكرة7 ... في دفها سعة قدامها ميل
وجلدها من أطوم ما يؤيسه ... طلح بضاحية المتنين مهزول8
حرف أبوها أخوها من مهجنة ... وعمها خالها قوداء شمليل9
__________
1 العذافرة: الناقة الشديدة الأمينة الوثيقة الظهيرة وهي الأمون.
2 الأين: الإعياء والتعب. الإرقال والتبغيل: مشى فيه سرعة.
3 الذفرى من القفا هو الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن.
4 المفرد: ثور الوحش شبه به الناقة. واللهق: الأبيض.
5 الحزان: الغليظ من الأرض المرتفعة. قال ابن شميل: أول حزون الأرض قفافها وجبالها وقواقيها وخشنها ورضمها، ولا تعد أرض طيبة، وإن جلدت حزنا، وجمعها حزون.
6 الفعم: الممتلئ.
7 غلباء: غليظة الرقبة. والوجناء: الغليظة الصلبة الشديدة للحم الوجنة.
8 الأطوم: الزرافة يصف جلدها بالقوة والملاسة. لا يؤيسه: لا يؤثر فيه.
9 حرف: يصف الناقة بالحرف؛ لأنها ضامر، وتشبه بالحرف من حروف المعجم، وهو الألف لدقتها. وتشبه بحرف الجبل إذا وصفت بالعظم. ومهجنة: أي أنها ممنوعة من فحول الناس إلا من فحول بلادها لعتقها وكرمها. وقيل: حمل عليها في صغرها، وقيل: أراد بالمهجنة أنها من إبل كرام. والقوداء: الثنية الطويلة في السماء والشمليل: الخفيفة السريعة.
(2/154)

تسعى الوشاة بدفيها وقيلهم ... إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول
وقال كل صديق كنت آمله: ... لا ألهينك، إني عنك مشغول
خلوا طريق يديها لا أبا لكم ... فكل ما قدر الرحمن مفعول
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته ... يوما على آله حدباء محمول
أنبئت أن رسول الله أوعدني ... والعفو عند رسول الله مأمول
مهلا رسول الله الذي أعطاك نافلة الـ ... ـقرآن، فيه مواعيظ وتفصيل
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم ... أذنب، ولو كثرت عني الأقاويل
لقد أقوم مقاما لو يقوم به ... أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل
لظل يرعد إلا أن يكون له ... من الرسول بإذن الله تنويل
حتى وضعت يميني لا أنازعه ... في كف ذي نقمات قيله القيل
لذلك أخوف عندي إذ أكلمه ... وقيل: إنك منسوب ومسؤول
من ضيغم من ليوث الأسد مسكنه ... من بطن عثر غيل دونه غيل
إن الرسول لنور يستضاء به ... مهند من سيوف الله مسلول
في فتية من قريش قال قائلهم ... ببطن مكة لما أسلموا: زولوا
زالوا، فما زال أنكاس ولا كشف1 ... عند اللقاء، ولا خيل معازيل2
شم العرانين أبطال لبوسهم ... من نسج داود في الهيجا سرابيل
يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم ... ضرب إذا عرد السود التنابيل
لا يفرحون إذا نالت سيوفهم ... قوما، وليسوا مجازيعا إذا نيلوا
لا يقع الطعن إلا في نحورهم ... وما لهم عن حياض الموت تهليل
__________
1 الكشف: جمع أكشف، وهو الذي لا ترس معه كأنه منكشف غير مستور.
2 المعازيل: الذين لا سلاح معهم.
(2/155)

وفي سنة ثمان توفيت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم وأكبر بناته، وهي التي غسلتها أم عطية الأنصارية، وأعطاها النبي صلى الله عليه وسلم حقوه، وق






المصدر :   

 
الكتاب: سير أعلام النبلاء
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)
الناشر: دار الحديث- القاهرة
الطبعة: 1427هـ-2006م
عدد الأجزاء: 18
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

من كتب المكتبة الشاملة

الخميس، 19 يونيو 2014

كتاب صفة الصفوة : قال ابن الجوزي : ذكر مقتله رضي الله عنه:

كتاب صفة الصفوة :
قال ابن الجوزي :
ذكر مقتله رضي الله عنه:
عن زيد بن وهب قال قدم علي على قوم من أهل البصرة من الخوارج فيهم رجل يقال له الجعد بن بعجه فقال له اتق الله يا علي فانك ميت فقال له علي عليه السلام بل مقتول ضربة على هذا تخضب هذه يعني لحيته من رأسه عهد معهود وقضاء مقضي وقد خاب من افترى".
وعاتبه في لباسه فقال ما لكم وللباس؟ هو ابعد من الكبر وأجدر أن يقتدي بي المسلم.
وعن أبي الطفيل قال دعا علي الناس إلى البيعة فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي فرده مرتين ثم أتاه فقال ما يحبس أشقاها؟ لتخضبن أو لصبغن هذه يعني لحيته من رأسه ثم تمثل بهذين البيتين:
اشدد حيازيمك للموت ... فان الموت آتيك
ولا تجزع من القتل ... إذا حل بواديك
وعن أبي مجلز قال جاء رجل من مراد إلى علي وهو يصلي في المسجد فقال:
(1/124)

احترس فان ناسا من مراد يريدون قتلك فقال أن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر عليه فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه وان الآجل جنة حصينة.
قال العلماء بالسير ضربه عبد الرحمن بن ملجم بالكوفة يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من رمضان وقيل ليلة إحدى وعشرين منه سنة أربعين فبقي الجمعة والسبت ومات ليلة الأحد وغسله ابناه وعبد الله بن جعفر وصلى عليه الحسن ودفن في السحر وفي سنة أربعة أقوال أحدها ثلاث وستون والثاني خمس وستون والثالث سبع وخمسون والرابع ثمان وخمسون.
عن جعفر بن محمد عن أبيه قال قتل علي عليه السلام وهو ابن ثمان وخمسين ومات لها حسن وقتل لها الحسين ومات علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين وسمعت جعفرا يقول سمعت أبي يقول لعمته فاطمة بنت حسين أم عبد الله بن حسن هذه توفي لي ثمانيا وخمسين فمات لها.
قال سفيان وسمعت جعفر بن محمد يقول وقد زدت أنا على ثمان وخمسين.
وعن أبي جعفر قال هلك علي بن أبي طالب وله خمس وستون سنة قال وكان علي وطلحة والزبير في سن وأحد.
(1/125)

6- أبو محمد طلحة بن عبيد الله ابن عثمان بن عمرو بن كعب:
ابن سعد بن تيم بن مرة كعب بن لؤي.
أمه: الصعبة ب






الكتاب: صفة الصفوة
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
المحقق: أحمد بن علي
الناشر: دار الحديث، القاهرة، مصر
الطبعة: 1421هـ/2000م
عدد الأجزاء: 2
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

كتاب صفة الصفوة : قال ابن الجوزي : كلمات منتخبة من كلامه ومواعظه عليه السلام:

كتاب صفة الصفوة :
قال ابن الجوزي :
كلمات منتخبة من كلامه ومواعظه عليه السلام:
عن عبد خير عن علي عليه السلام قال ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن يكثر عملك ويعظم حلمك ولا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين رجل أذنب ذنوبا فهو يتدارك ذك بتوبة أو رجل يسارع في الخيرات ولا يقل عمل في تقوى وكيف يقل ما يتقبل1.
وعن مهاجر بن عمير قال قال علي بن أبي طالب: "إن أخوف ما أخاف اتباع الهوى وطول الأمل فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة إلا وان الدنيا قد ترحلت مدبرة ألا وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فان اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل"2.
وعن رجل من بني شيبان إن علي بن أبي طالب عليه السلام خطب فقال الحمد لله أحمده واستعينه واؤمن به واتوكل عليه واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليزيح به علتكم وليوقظ به غفلتكم واعلموا إنكم
__________
1 أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 1/117. رقم 233.
2 أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 1/117. رقم 235.
(1/120)

ميتون ومبعوثون من بعد الموت وموقفون على أعمالكم ومجزيون بها فلا تغرنكم الحياة الدنيا فإنها دار بالبلاء محفوفة وبالفناء معروفة وبالغدر موصوفة وكل ما فيها إلى زوال وهي بين أهلها دول وسجال ولا تدوم أهوالها ولن يسلم من شرها نزالها بينا أهلها منها في رخاء وسرور آذاهم منها في بلاء وغرور أحوال مختلفة وتارات متصرفة العيش فيها مذموم والرخاء فيها لا يدوم وإنما أهلها فيها أغراض مستهدفة ترميهم بسمامها وتقصمهم بحمامها وكل حتفه فيها مقدور وحظه فيها موفور.
واعلموا عباد الله إنكم وما انتم فيه من زهرة الدنيا على سبيل من قد مضى ممن كان أطول منكم اعمارا واشد منكم بطشا واعمر ديارا وابعد أثارا فأصبحت أموالهم هامدة من بعد نقلتهم وأجسادهم بالية وديارهم خالية وآثارهم عافية فاستبدلوا بالقصور المشيدة والنمارق الممهدة الصخور والأحجار في القبور التي قد بني على الخراب فناؤها وشيد بالتراب بناؤها فمحلها مقترب وساكنها مغترب بين أهل عمارة موحشين وأهل محلة متشاغلين لا يستأنسون بالعمران ولا يتواصلون تواصل الجيران والأخوان على ما بينهم من قرب الجوار ودنو الدار وكيف يكون بينهم تواصل وقد طحنهم بكلكله البلى وأظلتهم الجنادل والثرى فأصبحوا الحياة أمواتا وبعد غضارة العيش رفاتا فجع بهم الأحباب وسكنوا التراب وظعنوا فليس لهم إياب هيهات هيهات: {كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} المؤمنون: 100] وكان قد صرتم إلى ما صاروا إليه من البلى والوحدة في دار المثوى وارتهنتم في ذلك المضجع وضمكم ذلك المستودع فكيف بكم لو قد تناهت الأمور وبعثرت القبور وحصل ما في الصدور ووقفتم للتحصيل بين يدي الملك الجليل فطارت القلوب لاشفاقها من سالف الذنوب وهتكت عنكم الحجب والأستار وظهرت منكم العيوب والأسرار هناك: {تجزى كل نفس بما كسبت} [غافر:17] أن الله عز وجل يقول: {ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى} [النجم: 31] وقال: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا} [الكهف: 49] جعلنا الله وإياكم عاملين بكتابه متبعين لأوليائه حتى يحلنا وإياكم دار المقامة من فضله {إنه حميد مجيد} .
عن الحسن عن علي عليه السلام قال طوبى لكل عبد نومة عرف الناس ولم يعرفه الناس
(1/121)

عرفه الله برضوان أولئك مصابيح الهدى يكشف الله عنهم كل فتنة مظلمة سيدخلهم الله في رحمة منه ليسوا بالمذابيع البذر ولا الجفاة المرائين.
وعن عاصم بن ضمرة عن علي عليه السلام إلا إن الفقيه الذي لا يقنط الناس من رحمة الله ولا يؤمنهم من عذاب الله ولا يرخص لهم في معاصي الله ولا يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره ولا خير في عبادة لا علم فيها ولا خير في علم لا فهم فيه ولا خير في قراءة لا تدبر فيها".
وعن الشعبي أن عليا عليه السلام قال يا أيها الناس خذوا عني هؤلاء الكلمات فلو ركبتم المطي حتى تنضوها ما أصبتم مثلها لا يرجون عبد إلا ربه ولا يخافن إلا ذنبه ولا يستحي إذا لم يعلم أن يتعلم ولا يستحيي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا اعلم واعلموا أن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا خير في جسد لا رأس له".
وعن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب قال أوحى الله عز وجل إلى نبي بين الأنبياء أنه ليس من أهل بيت ولا أهل دار ولا أهل قرية يكونون لي على ما أحب فيتحولون عن ذلك إلى ما اكره إلا تحولت لهم مما يحبون إلى ما يكرهون وليس من أهل بيت ولا أهل دار ولا أهل قرية يكونون لي على ما اكره فيتحولون من ذلك إلى ما أحب إلا تحولت لهم مما يكرهون إلى ما يحبون.
وعن عبد الله بن عباس أنه قال ما انتفعت بكلام أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانتفاعي بكتاب كتب به إلي علي بن أبي طالب فانه كتب إلي:
أما بعد فان المرء يسوءه فوت ما لم يكن ليدركه ويسره درك ما لم يكن ليفوته فليكن سرورك بما نلت من أمر أخرتك وليكن اسفك على ما فاتك منها وما نلت من دنياك فلا تكثرن به فرحا وما فاتك منها فلا تأس عليه حزنا وليكن همك فيما بعد الموت".
وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن عليا رضي الله عنه شيع جنازة فلما وضعت في لحدها عج أهلها وبكوها فقال ما تبكون أما والله لو عاينوا ما عاين ميتهم لأذهلتهم معاينتهم عن ميتهم وان له فيهم لعودة ثم عودة حتى لا يبقي منهم أحدا ثم قام فقال:
أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب لكم الأمثال ووقت لكم الآجال وجعل لكم أسماعا تعي ما عناها وأبصارا لتجلو عن غشاها وأفئدة نفهم ما دهاها أن الله لم يخلقكم عبثا ولم يضرب عنكم الذكر صفحا بل أكرمكم بالنعم السوابغ وارصد لكم
(1/122)

الجزاء فاتقوا لله عباد الله وجدوا في الطلب وبادروا بالعمل قبل هادم اللذات فان الدنيا لا يدوم نعميها ولا تؤمن فجائعها غرور حائل وسناد مائل اتعظوا عباد الله بالعبر وازدجروا بالنذر وانتفعوا بالمواعظ فكان قد علقتكم مخالب المنية وضمنتم بيت التراب ودهمتكم مفظعات الأمور بنفخة الصور وبعثرة القبور وسياق المحشر وموقف الحساب بإحاطة قدرة الجبار كل نفس معها سائق يسوقها لمحشرها وشاهد يشهد عليها: {وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون} [الزمر: 69] فارتجت لذلك اليوم البلاد ونادى المنادي وحشرت الوحوش وبدت الأسرار وارتجت الأفئدة وبرزت الجحيم قد تأجج جحيمها وغلا حميمها عباد الله اتقوا الله تقية من وجل وحذر وحذر وابصر وازدجر فاحتث طلبا ونجا هربا وقدم للمعاد واستظهر بالزاد وكفى بالله منتقما ونصيرا وكفى بالكتاب خصما وحجيجا وكفى بالجنة ثوابا وكفى بالنار وبالا وعقابا واستغفر الله لي ولكم.
وعن كميل بن زياد قال أخذ علي بن أبي طالب بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبان فلما اصحرنا جلس ثم تنفس ثم قال يا كميل بن زياد القلوب أوعية فخيرها أوعاها للعلم احفظ ما أقول لك الناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق.
العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال العلم يزكو على العمل وامال تنقصه النفقة العلم حاكم والمال محكوم عليه وصنيعة المال تزول بزواله ومحبة العالم دين يدان بها العلم يكسبه الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد مماته مات خزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وامثالهم في القلوب موجودة.
إن ههنا وأومأ بيده إلى صدره علما لو أصبت له حملة بلى أصبته لقنا غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين للدنيا يستظهر بنعم الله على عباده وبحججه على كتابه أو معاندا لأهل الحق لا بصيرة له في أحيائه ينقدح الشك في قلبه عارض من شبهة لا ذا ولا ذاك أو منهوما باللذات سلس القياد للشهوات أو مغري بجمع المال والادخار ليسا من دعاة الدين في شيء اقرب شبها بهم الأنعام السائمة.
كذلك يموت العلم بموت حامليه اللهم بلى لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة لكي
(1/123)

لا تبطل حجج الله وبيناته أولئك هم الأقلون عددا الاعظمون عند الله قدرا بهم يحفظ الله حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم ويزرعونها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعر المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة في المحل الأعلى آه آه شوقا إلى رؤيتهم واستغفر الله لي ولك إذا شئت فقم".
وعن أبي اراكة قال صليت مع علي بن أبي طالب عليه السلام صلاة الفجر فلما سلم انفتل عن يمينه ثم مكث كان عليه كابة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح قال وقلب يده:
لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أرى اليوم شيئا يشبههم لقد كانوا يصبحون شعثا صفرا غبرا بين أعينهم أمثال وكب المعزى قد باتوا لله سجدا وقياما يتلون كتاب الله يراوحون بين جباههم وأقدامهم فإذا اصبحوا فذكروا الله مادوا كما تميد الشجرة في يوم الريح وهملت أعينهم حتى تبل ثيابهم والله لكان القوم باتوا غافلين".
ثم نهض فما رئي مفترا يضحك حتى ضربه ابن ملجم والسلام.
ذكر مقتله رضي الله عنه:
عن زيد بن وهب قال قدم علي على قوم من أه






الكتاب: صفة الصفوة
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
المحقق: أحمد بن علي
الناشر: دار الحديث، القاهرة، مصر
الطبعة: 1421هـ/2000م
عدد الأجزاء: 2
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

الأربعاء، 18 يونيو 2014

كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عزوجل قل ابن خزيمة : 3 - : باب ذكر إثبات وجه الله

كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عزوجل
قل ابن خزيمة :
3 - : باب ذكر إثبات وجه الله 
الذى وصفة بالجلال والإكرام في قوله ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ونفى عنه الهلاك إذا أهلك الله ما قد قضى عليه الهلاك مما قد خلقه الله للفناء لا للبقاء جل ربنا عن أن يهلك شئ منه مما هو من صفات ذاته قال الله جل وعلا ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام 
وقال كل شئ هالك إلا وجهه وقال لنبيه 
واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه
(1/24)
وقال ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله 
فأثبت الله لنفسه وجها وصفه بالجلال والإكرام وحكم لوجهه بالبقاء ونفى الهلاك عنه
(1/25)
فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز وتهامة واليمن والعراق والشام ومصر مذهبنا أنا نثبت لله ما أثبته الله لنفسه نقر بذلك بألسنتنا ونصدق ذلك بقلوبنا من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين عز ربنا عن أن يشبه المخلوقين وجل ربنا عن مقالة المعطلين وعز أن يكون عدما كما قاله المبطلون لأن ما لا صفة له عدم تعالى الله عما يقول الجهميون الذين ينكرون صفات خالقنا الذى وصف بها نفسه في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه
(1/26)
محمد قال الله جل ذكره في سورة الروم فآت ذا القربى حقه إلى قوله ذلك خير للذين يريدون وجه الله وقال وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله وقال إنما نطعمكم لوجه الله وقال وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى 4 باب ذكر البيان من أخبار النبي المصطفى في إثبات الوجه لله جل ثناؤه وتباركت أس





الكتاب : كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عزوجل
المؤلف : أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (المتوفى : 311هـ)
الناشر : مكتبة الرشيد - الرياض
الطبعة الخامسة ، 1994
تحقيق : د.عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان
عدد الأجزاء : 2

الثلاثاء، 17 يونيو 2014

كأنها بوادر السكتة القلبية . . ماذا تفعل ؟

كأنها بوادر السكتة القلبية . . ماذا تفعل ؟

لنفرض إنها الساعة 6:30 مساء
وأنت تقود سيارتك (لوحدك
طبعا) وبعد عناء غير اعتيادي
في العمل، أنت متعب  جداً ،
منهك وعابس ، فجأة بدأت
تشعر بألم شديد في صدرك
والذي أخذ بالإنتشار للأعلى
لكتفك ويدك . .
وكأنها بوادر السكتة القلبية . .
أنت على بعد 5 كيلومتر من
أقرب مستشفى لمنزلك ،
ولكنك للأسف لا تعلم هل
يمكنك قطع هذه المسافة
قبل أن تسكتك السكتة
القلبية .. !!

.. ماذا تستطيع أن تفعل !!

لقد تعلمت في دورة الـ cpr أو
الـ bls (الإنعاش القلبي) ولكن
المعلم الذي دربك أهمل أن
يخبرك كيف تطبق الـ cpr على
نفسك ، وبما أن الكثير من
الناس يكونون بمفردهم عندما
يعانون من السكتة القلبية فإن
هذا الموضوع هام جداً ومطلوب.
الشخص الذي لا ينبض قلبه
بإنتظام وأصبح يشعر بالإغماء
فإن لديه 10 ثواني قبل أن يفقد
كامل وعيه . .
على كل حال ، ضحايا السكتة
القلبية يستطيعون مساعدة
أنفسهم بواسطة الكحة بقوة
شديدة وبشكل متكرر . .
نفس عميق يجب أن يؤخذ قبل
كل كحة ، والكحة يجب أن تكون
عميقة وطويلة وتتكرر كل ثانيتين
على الأقل وبدون توقف أو
إستسلام إلى أن تأتي المساعدة
أو حتى يشعر أن القلب رجع
للنبض الطبيعي بإذن الله . .
فالنفس العميق يدخل الأكسجين
إلى الرئتين أما الكحة فهي
تضغط على القلب وتحرك الدورة
الدموية ، والضغط على القلب
المتولد عن الكحة يعيد النبض
الطبيعي للقلب أيضا . 

أ. د. خالد العياضي

 - كن لطيفاً وتكرم بارسالها للبقيه
 معلومه لك و للزمن.

السبت، 7 يونيو 2014

كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عزوجل قل ابن خزيمة : باب ذكر البيان من خبر النبي في إثبات النفس لله عز و جل

كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عزوجل
قل ابن خزيمة :
باب ذكر البيان من خبر النبي في إثبات النفس لله عز و جل
على مثل موافقة التنزيل الذي بين الدفتين مسطور وفي المحاريب والمساجد والبيوت والسكك مقروء
(1/13)
1 - : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله يقول الله أنا مع عبدي حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم // أخرجه البخارى في كتاب التوحيد //
(1/15)
2 - : حدثنا عبد الله بن سعيد الأشج قال ثنا ابن نمير قال ثنا الأعمش بهذا السند مثله 
3 - : حدثنا بشر بن خالد العسكري قال ثنا محمد يعني بن جعفر عن شعبة عن سليمان وهو الأعمش قال سمعت ذكوان يحدث عن أبي هريرة عن النبي قال قال الله عبدى عند ظنه بي وأنا معه إذا دعاني إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وأطيب 
4 - : حدثنا محمد بن يحيى وعبد الرحمن بن بشر قالا حدثنا عبد الرزاق
(1/16)
قال أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس قال قال رسول الله قال الله تبارك وتعالى ابن آدم اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي فإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة أو قال في ملأ خير منهم // أخرجه البيهقي في كتاب الأسماء والصفات // فقال عبد الرحمن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي 
5 - : حدثنا عبد الجبار بن العلا العطار قال ثنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن وهو مولى آل طلحة عن كريب عن ابن عباس أن النبي حين خرج إلى صلاة الصبح وجويرية جالسة في المسجد فرجع حين تعالى النهار قال لم تزالي جالسة بعدى قالت نعم قال قد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت بهن لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ومداد كلماته ورضى نفسه وزنة عرشه // أخرجه مسلم في كتاب الذكر //
(1/17)
قال أبو بكر خبر شعبة عن محمد بن عبد الرحمن من هذا الباب خرجته في كتاب الدعاء 
6 - : حدثنا يونس بن عبد الأعلى أخبرني أنس بن عياض عن الحرث وهو ابن أبي ذباب عن عطاء بن مينا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال لما قضى الله الخلق كتب في كتابه على نفسه فهو موضوع عنده أن رحمتى نالت غضبي // أخرجه البخارى في كتاب التوحيد // 
قال لنا يونس قال لنا أنس نالت
(1/18)
حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي قال حدثنا خالد يعنى ابن الحرث عن محمد بن عجلان 
7 - : وحدثنا محمد بن العلا أبو كريب قال حدثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله لما خلق الله الخلق كتب بيده على نفسه أن رحمتى تغلب غضبي // أخرجه مسلم في كتاب التوبة // 
قال أبو بكر فالله جلا وعلا أثبت في آى من كتابه أن له نفسا وكذلك قد بين على لسان نبيه أن له نفسا كما أثبت النفس في كتابه وكفرت الجهمية بهذه الآى وهذه السنن وزعم بعض جهلتهم أن الله تعالى إنما أضاف النفس إليه على معنى إضافة الخلق إليه وزعم أن نفسه غيره كما أن خلقه غيره وهذا لا يتوهمه ذو لب وعلم فضلا عن أن يتكلم به 
قد أعلم الله في محكم تنزيله أنه كتب على نفسه الرحمة أفيتوهم مسلم أن الله تعالى كتب على غيره الرحمة وحذر الله العباد نفسه 
أفيحل لمسلم أن
(1/19)
يقول إن الله حذر العباد غيره أو يتأول قوله لكليمه موسى واصطنعتك لنفسي فيقول معناه واصطنعتك لغيرى من الخلوق أو يقول أراد روح الله بقوله ولا أعلم ما في نفسك أراد ولا أعلم ما في غيرك هذا لا يتوهمه مسلم ولا يقوله إلا معطل كافر 
8 - : حدثنا محمد بن يحيى قال ثنا أبو النعمان قال ثنا مهدى بن ميمون قال حدثني محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي قال التقى آدم وموسى عليهما السلام فقال له موسى أنت الذى أشقيت الناس وأخرجتهم من الجنة قال آدم لموسى عليهما السلام أنت الذى اصطفاك الله برسالاته واصطنعك لنفسه وأنزل عليك التوراة قال نعم قال فهل وجدته كتبه لي قبل أن يخلقني قال نعم قال فحج آدم موسى عليهما السلام ثلاث مرات // أخرجه البخارى في كتاب التفسير // يريد كرر هذا القول ثلاث مرات
(1/20)
9 - : حدثنا أبو موسى قال ثنا عبد الصمد قال ثنا همام قال ثنا قتادة عن أبي قلابة عن ابن أسماء عن أبي ذر قال قال رسول الله فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى إني حرمت على نفسي الظلم وعلى عبادى فلا تظالموا كل بني آدم يخطئ بالليل والنهار ثم يستغفرني فأغفر له ولا أبالي وقال يا بني آدم كلكم كان ضالا إلا من هديت وكلكم كان جائعا إلا من أطعمت // أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج5 / ص 161 // فذكر الحديث 
10 - : حدثنا محمد بن يحيى ثنا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر قال ثنا سعيد
(1/21)
ابن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي ادريس الخولاني عن أبي ذر عن رسول الله عن الله تبارك وتعالى أنه قال يا عبادى إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا // أخرجه مسلم في كتاب البر // باب ذكر إثبات العلم لله جل وعلا 
تباركت أسماؤه وجل ثناؤه بالوحي المنزل على النبي المصطفى الذى يقرأ في المحاريب والكتاتيب من العلم الذى هو من علم العام لا بنقل الأخبار التي هي من نقل علم الخاص ضد قول الجهمية المعطلة الذين لا يؤمنون بكتاب الله يحرفون الكلم عن مواضعه تشبها باليهود ينكرون أن لله علماء يزعمون أنهم يقولون أن الله هو العالم وينكرون أن لله علما مضافا إليه من صفات الذات 
قال الله جل وعلا في محكم تنزيله لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه قال عز و جل فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله 
فأعلمنا الله أنه أنزل القرآن بعلمه وخبرنا جل ثناؤه أن أنثى لا تحمل ولا تضع إلا بعلمه فأضاف الله جل وعلا إلى نفسه العلم الذى خبرنا أنه أنزل القرآن بعلمه وأن أنثى لا تحمل ولا تضع إلا بعلمه 
فكفرت الجهمية وأنكرت أن يكون لخالقنا علما مضافا إليه من صفات الذات تعالى الله عما يقول الطاعنون في علم الله علوا كبيرا فيقال لهم خبرونا عمن هو
(1/22)
عالم بالأشياء كلها أله علم أم لا فإن قال الله يعلم السر والنجوى وأخفى وهو بكل شئ عليم قيل له فمن هو عالم بالسر والنجوى وهو بكل شئ عليم أله علم أم لا علم له فلا جواب لهم لهذا السؤال إلا الهرب فبهت الذى كفر والله لا يهدى القوم الظالمين
(1/23)
3 - : باب ذكر إثبات وجه الله 
الذى وصفة بالجلال والإكرام في قوله ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام





الكتاب : كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عزوجل
المؤلف : أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (المتوفى : 311هـ)
الناشر : مكتبة الرشيد - الرياض
الطبعة الخامسة ، 1994
تحقيق : د.عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان
عدد الأجزاء : 2