كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عزوجل
قل ابن خزيمة : خزيمة
الفهرس
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف
الحمد لله العلي العظيم السميع البصير الحكيم الكريم اللطيف الخبير ذى النعم السوابغ والفضل الواسع والحجج البوالغ تعالى ربنا عن صفات المحدودين وتقدس عن شبه المخلوقين وتنزه عن مقالة المعطلين علا ربنا فكان فوق سبع سمواته عاليا ثم على عرشه استوى يعلم السر وأخفى ويسمع الكلام والنجوى لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ولا في لجج البحار ولا في الهواء
والحمد لله الذي أنزل القرآن بعلمه وأنشأ خلق الإنسان من تراب بيده ثم كونه بكلمته واصطفى رسوله إبراهيم عليه السلام بخلته ونادى كليمه موسى صلوات الله عليه فقربه نجيا وكلمه تكليما وأمر نبيه نوحا عليه السلام بصنعه الفلك على عينه وخبرنا أن أنثى لا تحمل ولا تضع إلا
(1/7)
بعلمه كما أعلمنا أن كل شيء هالك إلا وجهه وحذر عباده نفسه التي لا تشبه أنفس المخلوقين
أحمده علي ما من على من الإيمان بجميع صفات ربي عز و جل التي وصف بها نفسه في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه حمد شاكر لنعمائه التي لا يحصيها أحد سواه
وأشكره شكر مقر مصدق بحسن آلائه التي لا يقف على كثرتها غيره جل وعلا وأؤمن به إيمان معترف بوحدانيته راغب في جزيل ثوابه وعظيم ذخره بفضله وكرمه وجوده راهب وجل خائف من أليم عقابه لكثرة ذنوبه وخطاياه وحوباته
وأشهد أن لا إله إلا الله إلها واحدا فردا صمدا قاهرا قادرا رؤوفا رحيما لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولا شريكا له في ملكه العدل في قضائه الحكيم في فعاله القائم بين خلقه بالقسط الممتن على المؤمنين بفضله بذل لهم الإحسان وزين في قلوبهم الإيمان وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان وأنزل على نبيه الفرقان علم القرآن فتمت نعماء ربنا جل وعلا وعظمت آلاؤه على المطيعين له فربنا جل ثناؤه المعبود موجودا والمحمود ممجدا
وأشهد أن محمدا رسوله المصطفى ونبيه المرتضى اختاره الله لرسالته ومستودع أمانته فجعله خاتم النبيين وخير خلق رب العالمين أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون
بعثه بالكتاب المسطور في اللوح المحفوظ فبلغ عن الله عز و جل حقائق الرسالة وأنقذ به أمته من الردى والضلالة قام بأمر الله تعالى بما استرعاه ربه من حقه واستحفظه من تنزيله حتى قبضه الله إلى كرامته ومنزله أهل ولايته
(1/8)
الذين رضي أعمالهم حميدا رضيا سعيدا كما سبق له من السعادة في اللوح المحفوظ والإمام المبين قبل أن ينشيء الله نسمته فعليه صلوات الله وسلامه حيا محمودا وميتا مفقودا أفضل صلاة وأنماها وأزكاها وأطيبها وأبقى الله في العالمين محبته وفي المقربين مودته وجعل في أعلى عليين درجته وعلى آله الطيبين
سبب تأليفه لكتاب التوحيد
أما بعد فقد أتى علينا برهة من الدهر وأنا كاره الاشتغال بتصنيف ما يشوبه شيء من جنس الكلام من الكتب وكان أكثر شغلنا بتصنيف كتب الفقه التي هي خلو من الكلام في الأقدار الماضية التي قد كفر بها كثير من منتحلى الإسلام وفي صفات الله عز و جل التي نفاها ولم يؤمن بها المعطلون وغير ذلك من الكتب التي ليست كتب الفقه وكنت أحسب أن ما يجرى بيني وبين المناظرين من أهل الأهواء في جنس الكلام في مجالسنا ويظهر لأصحابي الذين يحضرون المجالس والمناظرة من إظهار حقنا على باطل مخالفينا كاف عن تصنيف الكتب على صحة مذهبنا وبطلان مذاهب القوم وغنية عن الإكثار في ذلك فلما حدث في أمرنا ما حدث مما كان الله قد قضاه وقدر كونه مما لا محيص لأحد ولا موئل عما قضى الله كونه في اللوح المحفوظ قد سطره من حتم قضائه
(1/9)
فمنعنا عن الظهور ونشر العلم وتعليم مقتبس العلم ما كان الله قد أودعنا من هذه الصناعة
كنت أسمع من بعض أحداث طلاب العلم والحديث ممن لعله كان يحضر بعض مجالس أهل الزيغ والضلالة من المعطلة والقدرية المعتزلة ما تخوفت أن يميل بعضهم عن الحق والصواب من القول إلى البهت والضلال في هذين الجنسين من العلم فاحتسبت في تصنيف كتاب يجمع هذين الجنسين من العلم بإثبات القول بالقضاء السابق والمقادير النافذة قبل حدوث كسب العباد والإيمان بجميع صفات الرحمن الخالق جلا وعلا مما وصف الله به نفسه في
(1/10)
محكم تنزيله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا خلفه تنزيل من حكيم حميد
وبما صح وثبت عن نبينا الأسانبد الثابتة الصحيحة بنقل أهل العدالة موصولا إليه ليعلم الناظر في كتابنا هذا ممن وفقه الله لإدراك الحق والصواب ومن عليه بالتوفيق لما يحب ويرضى صحة مذهب أهل الآثار في هذين الجنسين من العلم وبطلان مذاهب أهل الأهواء والبدع الذين هم في ريبهم وضلالتهم يعمهون وبالله ثقتي وإياه أسترشد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
قد بدأت كتاب القدر فأمليته وهذا - كتاب التوحيد -
إثبات النفس لله عز و جل من الكتاب
فأول ما ن
الكتاب : كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عزوجل
المؤلف : أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (المتوفى : 311هـ)
الناشر : مكتبة الرشيد - الرياض
الطبعة الخامسة ، 1994
تحقيق : د.عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان
عدد الأجزاء : 2
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق