السبت، 22 فبراير 2014

كتاب زيارة القبور : قال ابن تيمية : حكم إمكانية تسمية أفضل أهل الزمان بالقطب والغوث


كتاب زيارة القبور :

قال ابن تيمية : 
حكم إمكانية تسمية أفضل أهل الزمان بالقطب والغوث

وأما إن قصد القائل بقوله القطب الغوث الفرد الجامع أنه رجل يكون أفضل أهل زمانه فهذا ممكن لكن من الممكن أيضا أن يكون في الزمان اثنان متساويان في الفضل وثلاثة وأربعة ولا يجزم بأن لا يكون في كل زمان أفضل الناس إلا واحدا وقد تكون جماعة بعضهم أفضل من بعض من وجه دون وجه وتلك الوجوه إما متقاربة وإما متساوية ثم إذا كان في الزمان رجل هو أفضل أهل الزمان فتسميته بالقطب الغوث الجامع بدعة ما أنزل الله بها من سلطان ولا تكلم بهذا أحد من سلف الأمة وأئمتها وما زال


 زيارة القبور    [ جزء 1 - صفحة 74 ]  


السلف يظنون في بعض الناس أنه أفضل أو من أفضل أهل زمانه ولا يطلقون عليه هذه الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان لا سيما أن من المنتحلين لهذا الاسم من يدعي أن أول الأقطاب هو الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ثم يتسلل الأمر إلى ما دونه إلى بعض مشايخ المتأخرين وهذا لا يصح لا على مذهب أهل السنة ولا على مذهب الرافضة فأين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والحسن عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد قارب سن التمييز والاحتلام وقد حكي عن بعض الأكابر من الشيوخ المنتحلين لهذا أن القطب الفرد الغوث الجامع ينطبق علمه على علم الله تعالى وقدرته


 زيارة القبور    [ جزء 1 - صفحة 75 ]  


على قدرة الله تعالى فيعلم ما يعلمه الله ويقدر على ما يقدر عليه الله وزعم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان كذلك وأن هذا انتقل عنه إلى الحسن وتسلسل إلى شيخه فبينت أن هذا كفر صريح وجهل قبيح وأن دعوى هذا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفر دع ما سواه وقد قال الله تعالى قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك وقال تعالى قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء الآية وقال تعالى يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا الآية وقال تعالى يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله وقال تعالى ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم


 زيارة القبور    [ جزء 1 - صفحة 76 ]  


فينقلبوا خائبين ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون وقال تعالى إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين والله سبحانه وتعالى أمرنا أن نطيع رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فقال من يطع الرسول فقد أطاع الله وأمرنا أن نتبعه فقال تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله وأمرنا أن نعزره ونوقره وننصره وجعل له من الحقوق ما بينه في كتابه وسنة رسوله حتى أوجب علينا أن يكون أحب الناس إلينا من أنفسنا وأهلينا فقال تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وقال تعالى قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في


 زيارة القبور    [ جزء 1 - صفحة 77 ]  


سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره وقال صلى الله عليه وآله وسلم والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين وقال له عمر رضي الله عنه يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك قال فلأنت أحب إلي من نفسي قال الآن يا عمر وقال ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار وقد بين في كتابه حقوقه التي لا تصلح إلا له وحقوق رسله وحقوق المؤمنين بعضهم على


 زيارة القبور    [ جزء 1 - صفحة 78 ]  


بعض كما بسطنا الكلام على ذلك في غير هذا الموضع وذلك مثل قوله تعالى ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون فالطاعة لله ورسوله والخشية والتقوى لله وحده وقال تعالى ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون فالإيتاء لله والرسول والرغبة لله وحده وقال تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا لأن الحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله وأما الحسب فهو لله وحده كما قال وقالوا حسبنا الله ولم يقل حسبنا الله ورسوله وقال تعالى يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين أي يكفيك الله ويكفي من اتبعك من المؤمنين


 زيارة القبور    [ جزء 1 - صفحة 79 ]  


وهذا هو الصواب المقطوع به في هذه الآية ولهذا كانت كلمة إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام حسبنا الله ونعم الوكيل والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم





المصدر :
*** كتاب زيارة القبور ***>>
لشيخ الاسلام ابن تيمية
عدد الأجزاء= 1  <<

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق