الثلاثاء، 31 مارس 2015

كتاب النبوات، قال ابن تيمية : للمعاني الكثيرة ما في الاقوال فصل وخاصة الدليل أن يكون مستلزما للمدلول

كتاب النبوات،
قال ابن تيمية :
للمعاني الكثيرة ما في الاقوال
فصل وخاصة الدليل أن يكون مستلزما للمدلول فكل ما استلزم شيئا كان دليلا عليه ولا يكون دليلا إلا إذا كان مستلزما له ثم دلاله الدليل تعلم كما يعلم لزوم اللازم للملزوم وهذا لا بد أن يعلم بالضرورة أو بدليل ينتهي الى الضرورة وعلى هذا فآيات الأنبياء هي أدلة صدقهم وهي ما يستلزم صدقهم ويمتنع وجوده بدون صدقهم فلا يمكن أن يكون ما يدل على النبوة موجودا بدون النبوة ثم كونه مستلزما للنبوة ودليلا عليها يعلم بالضرورة أو بما ينتهي إلى الضرورة فآيات الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه لا تحد بحدود يدخل فيها غير آياتهم كحد بعضهم كالمعتزلة وغيرهم بأنها خرق العادة ولم يعرف مسمى هذه العبارة بل ظن أن خوارق السحرة والكهان والصالحين خرق للعادة فكذبها وحد بعضهم بأنها الخارق للعادة إذا لم يعارضه أحد وجعل هذا فصلا احترز به عن تلك الامور فقال المعجزة هي الخارق المقرون بالتحدي بالمثل مع عدم المعارضة وجوز أن يأتي غير الانبياء بمثل ما أتوا به سواء مع المعارضة وجعل ما يأتي به الساحر والكاهن معجزات مع عدم المعارضة وحقيقة المعجز هذا ما لم يعارض ولا حاجة إلى كونه خارقا للعادة


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 203 ]  


بل الامور المعتادة إذا لم تعارض كانت آية وهذا باطل قطعا ثم مسيلمة والأسود العنسي وغيرهما لم يعارضوا ثم يقال ما يعني بعدم المعارضة في ذلك المكان والزمان فالسحرة والكهان لا يعارضون والعنسي ومسيلمة لم يعارضا في مكانهم ووقت اغرائهم وإن قال لا يعارض البتة فمن أين يعلم هذا العدم فإن قيل فما آيات الانبياء قيل هي آيات الانبياء التي تعلم أنها مختصة بالانبياء وأنها مستلزمة لصدقهم ولا تكون إلا مع صدقهم وهي لا بد أن تكون خارقة للعادة خارجة عن قدرة الانس والجن ولا يمكن أحدا أن يعارضها لكن كونها خارقة للعادة ولا تمكن معارضتها هو من لوازمها ليس هو حدا مطابقا لها والعلم بأنها مستلزمة لصدقهم قد يكون ضروريا كانشقاق القمر وجعل العصا حية وخروج الناقة فمجرد العلم بهذه الآيات يوجب علما ضروريا بأن الله جعلها آية لصدق هذا الذي استدل بها وذلك يستلزم أنها خارقة للعادة وأنه لا يمكن معارضتها فهذا من جملة صفاتها لا أن هذا وحده كاف فيها وهذا اذا قال من قال أن فلانا أرسلني اليكم فإنه يأتي بما يعلم أنه علامة والعلامة والدليل والآية حدها أنها تدل على المطلوب وآيات الانبياء تدل على صدقهم وهذا لا يكون الا مع كونها مستلزمة لصدقهم فيمتنع أن تكون معتادة لغيرهم ويمتنع أن يأتي من يعارضهم بمثلها ولا يمتنع أن يأتي نبي آخر بمثلها ولا أن يأتي من يصدقهم بمثلها فان تصديقه لهم يتضمن صدقهم فلم يأت إلا مع صدقهم وقد تكون الآيات تدل على جنس الصدق وهو صدق صاحبها فيلزم صدقه اذا قال أنا نبي ولكن يمتنع أن يكون لكاذب فهذا ونحوه مما تنكشف به حقيقة هذا الباب وهو من أهم الأمور وإذا فسر خرق العادة بأنها خرق لعادات غير الانبياء أي لا يكون لغير جنسهم وجنس من صدقهم وفسر عدم المعارضة بأنه لا يقدر أن يأتي بها من ليس بنبي أو متبع لنبي كان المعنى واحدا واتحدت التفاسير الثلاثة
فصل والله سبحانه دل عباده بالدلالات العيانية المشهودة والدلالات المسموعة وهي كلامه لكن عامتهم تعذر عليهم أن يسمعوا كلامه منه ف









المصدر :
كتاب : النبوات لابن تيمية
  >> عدد الأجزاء= 1  <<
النبوات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق