الخميس، 31 مارس 2016

كتاب مفتاح دار السعادة قال ابن القيم: الوجه السادس والسبعون ان فضيلة الشيء وشرفه يظهر تارة من عموم منفعته وتارة

كتاب مفتاح دار السعادة
قال ابن القيم:
الوجه السادس والسبعون ان فضيلة الشيء وشرفه يظهر تارة من عموم منفعته وتارة من شدة الحاجة اليه وعدم الاستغناء عن وتارة من ظهور النقص والشر بفقده وتارة من حصول اللذة والسرور والبهجة بوجوده لكونه محبوبا ملائما فادراكه يعقب غاية اللذة وتارة من كمال الثمرة المترتبة عليه وشرف علته الغائية وافضاله إلى اجل المطالب وهذه الوجوه ونحوها تنشأ وتظهر من متعلقة فإذا كان في نفسه كمالا وشرفا بقطع النظر عن متعلقاته جمع جهات الشرف والفضل في نفسه ومتعلقاته ومعلوم ان هذه الجهات بأسرها حاصلة للعلم فإنه أعم شيء نفعا واكثره وادومه والحاجة اليه فوق الحاجة إلى الغذاء بل فوق الحاجة إلى التنفس إذ غاية مايتصور من فقدهما فقد حياة الجسم وأما فقد العلم ففيه فقد حياة القلب والروح فلا غنى للعبد عنه طرفة عين ولهذا إذا فقد من الشخص كان شرا من الحمير بل كان شرا من الدواب عند الله ولا شيء انقص منه حينئذ وأما حصول اللذة والبهجة بوجوده فلأنه كمال في نفسه وهو ملائم غاية الملاءمة للنفوس فان الجهل مرض ونقص وهو في غاية الايذاء والايلام للنفس ومن لم يشعر بهذه الملاءمة والمنافرة فهو لفقد حسه ونفسه وما لجرح ميت إيلام فحصوله للنفس إدراك منها لغاية محبوبها واتصال به وذلك غاية لذتها وفرحتها وهذا بحسب المعلوم في نفسه ومحبة النفس له ولذتها بقربه والعلوم والمعلومات
(1/85)

متفاوته في ذلك اعظم التفاوت وابينه فليس علم النفوس بفاطرها وباريها ومبدعها ومحبته والتقرب اليه كعلمها بالطبيعة واحوالها وعوارضه وصحتها وفسادها وحركاتها وهذا بتبين بالوجه السابع والسبعين وهو ان شرف العلم تابع لشرف معلومه لوثوق النفس بأدلة وجوده وبراهينه ولشدة الحاجة





 
الكتاب: مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت
عدد الأجزاء: 2 × 1
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

الثلاثاء، 29 مارس 2016

كتاب صفة الصفوة : قال ابن الجوزي : 17- مصعب بن عمير ابن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي.

كتاب صفة الصفوة :
قال ابن الجوزي :
17- مصعب بن عمير ابن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي.
يكنى أبا محمد دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وكتم إسلامه وكان يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سرا فلما علموا به حبسوه فلم يزل محبوسا حتى خرج إلى أرض الحبشة في الهجرة الأولى ثم خرج في الهجرة الثانية وكان من انعم الناس عيشا قبل إسلامه فلما أسلم زهد في الدنيا فتحسف جلده تحسف الحية وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد أن بايع الأنصار البيعة الأولى يفقههم ويقرئهم القرآن وكان يأتيهم في دورهم فيدعوهم إلى الإسلام فأسلم منهم خلق كثير وفشا الإسلام فيهم وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه أن يجمع بهم فأذن له فجمع بهم في دار خيثمة.
ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع السبعين الذين وافوه في العقبة الثانية فأقام بمكة قليلا ثم قدم قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فهو أول من قدمها.
وعن ابن شهاب قال لما بايع أهل العقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعوا إلى قومهم فدعوهم إلى الإسلام سرا وتلوا عليهم القرآن وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن عفراء ورافع بن مالك أن ابعث إلينا رجلا من قبلك فليدع الناس بكتاب الله فانه قمن أن يتبع فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير فلم يزل يدعو امنا ويهدي الله تعالى على يده حتى قل دار من دور الأنصار إلا قد أسلم أشرافهم. أسلم عمرو بن الجموح وكسرت أصنامهم وكان المسلمون أعز أهل المدينة. فرجع مصعب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يدعى المقريء.
__________
17- هو: مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب السيد الشهيد السابق البدري القرشي العبدري.
(1/147)

قال ابن شهاب: وكان أول من جمع الجمعة بالمدينة بالمسلمين قبل أن يقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن البراء قال أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير1.
وعن عمر بن الخطاب قال نظر النبي. صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير مقبلا وعليه اهاب كبش قد تنطق به فقال النبي. صلى الله عليه وسلم: "انظروا إلى هذا الرجل الذي قد نور الله قلبه لقد رأيته بين أبوين يغدوان بأطيب الطعام والشراب فدعاه حب الله ورسوله إلى ما ترون".
وعن محمد بن شرحبيل قال حمل مصعب اللواء يوم أحد فلما جال المسلمون ثبت به مصعب فاقبل ابن قميئة فضرب يده اليمنى فقطعها ومصعب يقول: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل} [آل عمران: 144] . وأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه فضربها فقطعها فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل} ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فانفذه.
وكان مصعب رقيق البشرة ليس بالطويل ولا بالقصير قيل وهو ابن أربعين سنة أو يزيد شيئا.
وقال ابن سعد وقال عبد الله بن الفضل قتل مصعب وأخذ اللواء ملك في صورته فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول له في آخر النهار تقدم يا مصعب فالتفت إليه الملك وقال لست بمصعب فعرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه ملك أيد به.
وعن عبيد بن عمير قال لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد مر على مصعب بن عمير مقتولا على طريقه فقرأ: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: 23] الآية وعن خباب قال هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتغي وجه الله فوجب أجرنا على الله عز وجل فمنا من مضى ولم يأكل من اجره شيئا منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم نجد له شيئا نكفنه فيه إلا نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه وإذا غطينا رجليه خرج رأسه فامرنا رسول الله أن نغطي بها رأسه ونجعل على رأسه اذخرا ومنا من اينعت له ثمرته فهو يهدبها2 أخرجاه في الصحيحين.
__________
1 أنظر كنز العمال 11/747. رقم 33650. وحلية الأولياء 1/153. رقم 343.
2 صحيح: أخرجه البخاري في كتاب الجنائز حديث 1276. باب 27. إذا لم يجد كفنا إلا ما يواري رأسه أو قدميه غطى رأسه ومسلم في كتاب الجنائز حديث 940.
(1/148)

18- عمير بن أبي وقاص اخو سعد.
عن عامر بن سعد عن أبيه قال رأيت أ






الكتاب: صفة الصفوة
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
المحقق: أحمد بن علي
الناشر: دار الحديث، القاهرة، مصر
الطبعة: 1421هـ/2000م
عدد الأجزاء: 2
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

الأحد، 27 مارس 2016

صفة الصفوة/عتبة بن غزوان بن جابر بن وهيب

كتاب صفة الصفوة :
قال ابن الجوزي :
16- عتبة بن غزوان بن جابر بن وهيب.
يكنى أبا عبد الله هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية وشهد بدرا واستعمله عمر على البصرة واليا فهو الذي بصرها واختطها ثم قدم على عمر فرده إلى البصرة واليا فمات في الطريق سنة سبع عشرة وقيل خمس عشرة وهو ابن سبع وخمسين وقيل خمس وخمسين.
عن خالد بن عمير قال خطب عتبة بن عزوان فحمد الله واثنى عليه ثم قال أما بعد فإن الدنيا قد اذنت بصرم وولت حذاء ولم يبق منهاه إلا صبابة كصبابة الاناء يتصابها صاحبها وانكم منقلبون منها إلى دار لا زوال لها فانتقلوا بخير ما بحضرتكم فانه قد ذكر لنا إن الحجر يلقى في شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاما ما يدرك لها قعرا والله لتملانه افعجبتم والله
__________
16- هو: عتبة بن غزوان بفتح المعجمة وسكون الزاي ابن جابر المازني حليف بني عبد شمس صحابي جليل مهاجري بدري وهو أول من اختط البصرة مات سنة سبع عشرة ويقال بعدها.
(1/146)

لقد ذكر لنا ان ما بين مصراعي الجنة مسيرة أربعين عاما وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام ولقد رأيتني وأنا سابع سبعة مع رسول الله. صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحته أشداقنا وإني التقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد فائتزر بنصفها وائتزر بنصفها فما اصبح منا أحد اليوم حيا إلا اصبح أمير مصر من الأمصار واني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا وانها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت حتى تكون عاقبتها ملكا وستبلون وستجربون الأمراء بعدنا1 انفرد بإخراجه مسلم وليس لعتبة في الصحيح غيره.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم في كتاب الزهد حديث 2967.
(1/147)

17- مصعب بن عمير ابن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي.
يكنى






الكتاب: صفة الصفوة
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
المحقق: أحمد بن علي
الناشر: دار الحديث، القاهرة، مصر
الطبعة: 1421هـ/2000م
عدد الأجزاء: 2
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

صفة الصفوة/عبد الله بن جحش

صفة الصفوة :
قال ابن الجوزي :
15- عبد الله بن جحش
ابن رئاب بن يعمر ويكنى أبا محمد وأمه اميمة بنت عبد المطلب بن هاشم.
أسلم قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية.
__________
15- هو: المقسم على ربه المشمر لحبه أول من عقدت له الراية في الإسلام عبد الله بن جحش أمه عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمية بنت عبد المطلب كان من مهاجرة الحبشة وممن شهد بدرا صاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخته زينب بنت جحش.
(1/145)

وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية إلى نخلة وفيها تسمى بأمير المؤمنين فهو أول من دعي بذلك.
وعن سعيد بن المسيب أن رجلا سمع عبد الله بن جحش يقول قبل يوم أحد بيوم اللهم أنا لاقو هؤلاء غدا واني اقسم عليك لما يقتلونني ويبقروا بطني ويجدعوني فإذا قلت لي لم فعل بك هذا فاقول اللهم فيك فلما التقوا فعل ذلك به فقال الرجل الذي سمعه أما هذا فقد استجيب له واعطاه الله ما سال في جسده في الدنيا وانا أرجو أن يعطى ما سال في الآخرة.
وعن اسحق بن سعد بن أبي وقاص قال حدثني أبي أبي عن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد إلا ندعو الله فخلوا في ناحية فدعا عبد الله بن جحش فقال يا رب إذا لقيت العدو غدا فلقني ردلا شديدا بأسه شديدا حرده أقاتله فيك ويقاتلني ثم يأخذني فيجدع انفي واذني فإذا لقيتك غدا قلت يا عبد الله من جدع انفك واذنك فأقول فيك وفي رسولاك فتقول صدقت قال سعد فلقد رأيته آخر النهار وان أذنه وانفه لمعلقتان في خيط.
قال الواقدي قتل عبد الله بن جحش يوم أحد قتله أبو الحكم بن الاخنس بن شريق ودفن عبد الله وحمزة بن عبد المطلب وهو خاله في قبر واحد وكان لعبد الله يوم قتل بضع واربعون سنة.
(1/146)

16- عتبة بن غزوان بن جابر بن وهيب.
يكنى أبا عبد الله هاجر إلى الحبش






الكتاب: صفة الصفوة
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
المحقق: أحمد بن علي
الناشر: دار الحديث، القاهرة، مصر
الطبعة: 1421هـ/2000م
عدد الأجزاء: 2
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

في هديه في داء الإستسقاء وعلاجه

ابن القيم|الطب النبوي/زاد المعاد/
فصل
في هديه في داء الإستسقاء وعلاجه
في الصحيحين : من حديث أنس بن مالك قال : قدم رهط من عرينة وعكل على النبي صلى الله عليه وسلم فاجتووا المدينة فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : [ لو خرجتم إلى إبل الصدقة فشربتم من أبوالها وألبانها ففعلوا فلما صحوا عمدوا إلى الرعاة فقتلوهم واستاقوا الإبل وحاربو الله ورسوله فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم فأخذوا فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وألقاهم في الشمس حتى ماتوا ]
والدليل على أن هذا المرض كان الإستسقاء ما رواه مسلم في صحيحه في هذا الحديث أنهم قالوا : إنا اجتوينا المدينة فعظمت بطوننا وارتهشت أعضاؤنا وذكر تمام الحديث
والجوى : داء من أدواء الجوف - والإستسقاء : مرض مادي سببه مادة غريبة باردة تتخلل الأعضاء فتربو لها إما الأعضاء الظاهرة كلها وإما المواضع الخالية من النواحي التي فيها تدبير الغذاء والأخلاط وأقسامه ثلاثة : لحمي وهو أصعبها وزقي وطبلي
ولما كانت الأدوية المحتاج إليها فى علاجه هي الأدوية الجالبة التي فيها إطلاق معتدل وإدرار بحسب الحاجة وهذه الأمور موجودة في أبوال الإبل وألبانها أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بشربها فإن في لبن اللقاح جلاء وتليينا وإدرارا وتلطيفا وتفتيحا للسدد إذ كان أكثر رعيها الشيح والقيصوم والبابونج والأقحوان والإذخر وغير ذلك من الأدوية النافعة للإستسقاء
وهذا المرض لا يكون إلا مع آفة في الكبد خاصة أو مع مشاركة وأكثرها عن السدد فيها ولبن اللقاح العربية نافع من السدد لما فيه من التفتيح والمنافع المذكورة
قال الرازي : لبن اللقاح يشفي أوجاع الكبد وفساد المزاج وقال الإسرائيلي : لبن اللقاح أرق الألبان وأكثرها مائية وحدة وأقلها غذاء فلذلك صار أقواها على تلطيف الفضول وإطلاق البطن وتفتيح السدد ويدل على ذلك ملوحته اليسيرة التي فيه لإفراط حرارة حيوانية بالطبع ولذلك صار أخص الألبان بتطرية الكبد وتفتيح سددها وتحليل صلابة الطحال إذا كان حديثا والنفع من الإستسقاء خاصة إذا استعمل لحرارته التي يخرج بها من الضرع مع بول الفصيل وهو حار كما يخرج من الحيوان فإن ذلك مما يزيد في ملوحته وتقطيعه الفضول وإطلاقه البطن فإن تعذر انحداره وإطلاقه البطن وجب أن يطلق بدواء مسهل
قال صاحب القانون : ولا يلتفت إلى ما يقال : من أن طبيعة اللبن مضادة لعلاج الإستسقاء قال : واعلم أن لبن النوق دواء نافع لما فيه من الجلاء برفق وما فيه من خاصية وأن هذا اللبن شديد المنفعة فلو أن إنسانا أقام عليه بدل الماء والطعام شفي به وقد جرب ذلك في قوم دفعوا إلى بلاد العرب فقادتهم الضرورة إلى ذلك فعوفوا وأنفع الأبوال : بول الجمل الأعرابي وهو النجيب انتهى
وفي القصة : دليل على التداوي والتطبب وعلى طهارة بول مأكول اللحم فإن التداوي بالمحرمات غير جائز ولم يؤمروا مع قرب عهدهم بالإسلام بغسل أفواههم وما أصابته ثيابهم من أبوالها للصلاة وتأخير البيان لا يجوز عن وقت الحاجة
وعلى مقاتلة الجاني بمثل ما فعل فإن هؤلاء قتلوا الراعي وسملوا عينيه ثبت ذلك في صحيح مسلم
وعلى قتل الجماعة وأخذ أطرافهم بالواحد
وعلى أنه إذا اجتمع في حق الجاني حد وقصاص استوفيا معا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قطع أيديهم وأرجلهم حدا لله على حرابهم وقتلهم لقتلهم الراعي
وعلى أن المحارب إذا أخذ المال وقتل قطعت يده ورجله في مقام واحد وقتل
وعلى أن الجنايات إذا تعددت تغلظت عقوباتها فإن هؤلاء ارتدوا بعد إسلامهم وقتلوا النفس ومثلوا بالمقتول وأخذوا المال وجاهروا بالمحاربة
وعلى أن حكم ردء المحاربين حكم مباشرهم فإنه من المعلوم أن كل واحد منهم لم يباشر القتل بنفسه ولا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك
وعلى أن قتل الغيلة يوجب قتل القاتل حدا فلا يسقطه العفو ولا تعتبر فيه المكافأة وهذا مذهب أهل المدينة وأحد الوجهين فى مذهب أحمد اختاره شيخنا وأفتى به


 زاد المعاد    [ جزء 4 - صفحة 45 ]  


فصل
في هديه في علاج الجرح
في الصحيحين : [ عن أبي حازم أنه سمع سهل بن سعد يسأل عما دووي به











المصدر :
كتاب زاد المعاد لابن القيم
عدد الاجزاء ٥ مجلدات

الثلاثاء، 15 مارس 2016

سير اعلام النبلاء قال الامام الذهبي : حجة الوداع:

سير اعلام النبلاء
قال الامام الذهبي :
حجة الوداع:
قال جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جابر، قال: أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس بالحج، فاجتمع في المدينة بشر كثير. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة، أو لأربع، فلما كان بذي الحليفة ولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر الصديق، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ فقال: "اغتسلي واستثفري بثوب". وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، وركب القصواء حتى استوت به على البيداء، فنظرت إلى مد بصري، بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك. فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد، وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد عليهم شيئا منه. ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته. ولسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: 125] ، فجعل المقام بينه وبين البيت.
قال جعفر: فكان أبي يقول: -لا أعلمه ذكره إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم-: كان يقرأ في الركعتين {قل هو الله أحد} [الأخلاص] ، و: {قل يا أيها الكافرون} [الكافرون] ، ثم رجع إلى البيت فاستلم الركن، ثم خرج من الباب إلى الصفا، حتى إذا دنا من الصفا قرأ: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} [البقرة: 158] ، أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا فرقي عليه، حتى إذا رأى البيت فكبر وهلل وقال: لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. ثم دعا بين ذلك، فقال مثل ذلك ثلاث مرات. ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبت قدماه رمل في بطن الوادي، حتى إذا صعد مشى حتى أتى المروة، فعلا عليها وفعل كما فعل على الصفا. فلما كان آخر الطواف على المروة، قال: "إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة. فمن كان منكم ليس معه هدي فليحلل وليجعلها عمرة". فحل الناس كلهم وقصروا، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه الهدي.
(2/195)

فقام سراقة بن مالك بن جعشم، فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟ قال: فشبك أصابعه وقال: "دخلت العمرة في الحج هكذا؛ مرتين، لا؛ بل لأبد الأبد".
وقدم علي، رضي الله عنه، من اليمن ببدن إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد فاطمة ممن حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت، فأنكر عليها. فقالت: أبي أمرني بهذا. فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا بالذي صنعته، مستفتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "صدقت، صدقت. فماذا قلت حين فرضت الحج"؟ قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك. قال: "فإن معي الهدي فلا تحلل". قال: فكان الهدي الذي جاء معه، والهدي الذي أتي به النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة مائة. ثم حل الناس وقصروا، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن معه هدي.
فلما كان يوم التروية وجهوا إلى منى، أهلوا بالحج، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح. ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فركب حتى أتى بطن الوادي، فخطب الناس فقال: "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا وإن كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي، ودماء الجاهلية موضوعة، وأول دم أضعه من دمائنا دم ربيعة بن الحارث؛ كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل. وربا الجاهلية موضوع كله. فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به؛ كتاب الله تعالى، وأنتم مسؤولون عني، فما أنتم قائلون"؟ قالوا: نشهد أن قد بلغت وأديت ونصحت. فقال: بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكبها إلى الناس: "اللهم اشهد"؛ ثلاث مرات. ثم أذن بلال، ثم أقام، فصلى الظهر، ثم أقام، فصلى العصر، لم يصل بينهما شيئا. ثم ركب حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلا حين غاب القرص، وأردف أسامة بن زيد خلفه فدفع وقد شنق للقصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده: "أيها الناس، السكينة السكينة"، كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد. حتى أتى المزدلفة، فصلى بها
(2/196)

المغرب والعشاء بأذان وإقامتين، ولم يصل بينهما شيئا. ثم اضطجع حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حتى تبين له الصبح وبأذان وإقامه. ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فرقي عليه فحمد الله وكبره وهلله. فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا، ثم دفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلا حسن الشعر وسيما. فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل، فصرف الفضل وجهه من الشق الآخر، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل، حتى إذا أتى محسرا حرك قليلا، ثم سلك الطريق الوسطى التى تخرجك على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند المسجد، فرمى بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي. ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثا وستين بدنة، وأعطى عليا - رضي الله عنه- فنحر ما غبر وأشركه في هديه. ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر، وطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها.
ثم أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيت، فصلى بمكة الظهر، فأتى على بني عبد المطلب يسقون من بئر زمزم، فقال: "انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم". فناولوه دلوا فشرب منه. أخرجه مسلم1، دون قوله: يحيي ويميت.
وقال شعبة، عن قتادة، عن أبي حسان الأعرج، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى ذا الحليفة أشعر بدنة من جانب سنامها الأيمن، ثم سلت عنها الدم، وأهل بالحج. أخرجه مسلم2.
وقال أيمن بن نابل: حدثني قدامة بن عبد الله، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي جمرة العقبة على ناقة حمراء؛ وفي رواية؛ صهباء؛ لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك. حديث حسن3.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1218" "147" من طريق حاتم بن إسماعيل المدني، عن جعفر بن محمد، به. قوله: "الحبال" جمع حبل، وهو التل اللطيف من الرمل الضخم.
2 صحيح: أخرجه مسلم "1243" "205" من طريق شعبة، عن قتادة، به.
3 حسن: أخرجه أحمد "3/ 412و 413"، والنسائي في "المجتبى" "5/ 270"، وفي "الكبرى" "4067"، وابن ماجه "3035"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني "1449"، والطبراني في "الكبير" "19/ 78" من طريق أيمن بن نابل، به.
قلت: إسناده حسن، أيمن بن نابل، صدوق يهم كما الحافظ في "التقريب".
(2/197)

وقال ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن عبد الله بن لحي، عن عبد الله بن قرط، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر، يستقر فيه الناس، وهو الذي يلي يوم النحر". قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنات، خمس أو ست، فطفقن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ، فلما وجبت جنوبها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة خفية لم أفهمها، فقلت للذي إلى جنبي: ما قال؟ قال: قال: "من شاء اقتطع". حديث حسن1.
وقال هشام، عن ابن سيرين، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة، ثم رجع إلى المنزلة بمنى، فذبح، ثم دعا بالحلاق فأخذ بشق رأسه الأيمن، فحلقه، فجعل يقسمه الشعرة والشعرتين، ثم أخذ بشق رأسه الأيسر فحلقه، ثم قال: ههنا أبو طلحة؟ فدفعه إلى أبي طلحة. رواه مسلم2.
وقال أبان العطار: حدثنا يحيى، قال: حدثني أبو سلمة، أن محمد بن عبد الله بن زيد حدثه، أن أباه شهد المنحر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسم بين أصحابه ضحايا، فلم يصبه ولا رفيقه. قال: فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في ثوبه فأعطاه، فقسم منه على رجال، وقلم أظفاره فأعطى صاحبه، فإنه لمخضوب عندنا بالحناء والكتم3.
وقال علي بن الجعد: حدثنا الربيع بن صبيح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، قال: حج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحل رث وقطيفة تساوي، أو لا تساوي، أربعة دراهم، وقال: "اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة"4. يزيد ضعيف.
وقال أبو عميس، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر -رضي الله عنه- فقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها لوعلينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: أي آية؟ قال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 350"، وأبو داود "1765"، والحاكم "4/ 221" من طريق ثور بن يزيد، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
ويوم القر: هو اليوم الذي يلي يوم النحر، سمي بذلك؛ لأن الناس يقرون فيه بمنى، وقد فرغوا من طواف الإفاضة والنحر، فاستراحوا وقروا.
2 صحيح: أخرجه مسلم "1305" "324" من طريق حفص بن غياث، عن هشام، به.
3 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 42"، وابن خزيمة "2931" و"2932" من طريق أبان العطار، به.
4 ضعيف: آفته يزيد بن أبان الرقاشي، قال النسائي وغيره: متروك.
وقال الدارقطني وغيره: ضعيف. وقال أحمد: كان يزيد منكر الحديث.
(2/198)

عليكم نعمتي ورضيت لكم الأسلام دينا} [المائدة: 3] ، فقال: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه: نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات في يوم جمعة. متفق عليه1.
وقال حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، قال: كنت عند ابن عباس وعنده يهودي، فقرأ: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية [المائدة: 3] ، فقال اليهودي: لو أنزلت علينا لاتخذنا يومها عيدا. فقال ابن عباس: فإنها نزلت في يوم عيد، يوم جمعة، يوم عرفة.
صحيح على شرط مسلم.
وقال ابن جريج، عن أبي الزبير، أخبره، أنه سمع جابرا، يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر، ويقول: "خذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه". أخرجه مسلم2.
وقال إسماعيل بن أبي أويس: حدثني أبي، عن ثور بن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس في حجة الوداع، فقال: "إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحاقرون من أعمالكم، فاحذروه. أيها الناس: إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا أبدا؛ كتاب الله وسنه نبيه. إن كل مسلم أخو المسلم، المسلمون إخوة، ولا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس، ولا تظلموا، ولا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض".
وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: وكان ربيعة بن أمية بن خلف الجمحي هو الذي يصرخ يوم عرفة تحت لبة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال له: "اصرخ: أيها الناس" -وكان صيتا- "هل تدرون أي شهر هذا"؟ فصرخ، فقالوا: نعم، الشهر الحرام. قال: "فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة شهركم هذا". وذكر الحديث.
وقال الزهري، من حديث الأوزاعي، عنه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد أن ينفر من منى قال: "إنا نازلون غدا إن شاء بالمحصب بخيف بني
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "45" و"4407" و"4606" و"7268"، ومسلم "3017" من طريق قيس بن مسلم، به.
2 صحيح: أخرجه مسلم "1297" من طريق عيسى، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: "لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه".
(2/199)

"كنانة، حيث تقاسموا على الكفر". وذلك أن قريشا تقاسموا على بني هاشم وعلى بني عبد المطلب أن لا يناكحوهم ولا يخالطوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. اتفقا عليه1.
وقال أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة، قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليالي الحج. قالت: فلما تفرقنا من منى نزلنا المحصب. وذكر الحديث. متفق عليه2.
وقال أبو إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا تسع عشرة غزوة، وحج بعد ما هاجر حجة الوداع، لم يحج بعدها.
قال أبو إسحاق من قبله: وواحدة بمكة. اتفقا عليه3.
ويروى عن ابن عباس أنه كان يكره أن يقال: حجة الوداع، ويقول: حجة الإسلام.
وقال زيد بن الحباب: حدثنا سفيان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم حج ثلاث حجج قبل أن يهاجر، وحجة بعدما هاجر معها عمرة، وساق ستا وثلاثين بدنة، وجاء علي بتمامها من اليمن، فيها جمل لأبي جهل في أنفه برة من فضة، فنحرها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تفرد به زيد، وقيل: إنه أخطأ، وإنما يروى عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن مجاهد؛ مرسلا.
قال أبو بكر البيهقي: قوله: "وحجة معها عمرة" فإنما يقول ذلك أنس -رضي الله عنه- ومن ذهب من الصحابة إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن. فأما من ذهب إلى أنه أفرد، فإنه لا يكاد تصح عنده هذه اللفظة لما في إسناده من الاختلاف وغيره.
وقال وكيع: عن سفيان، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: حج رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حجج؛ حجتين وهو بمكة قبل الهجرة، وحجة الوداع، والله أعلم.
وفي آخر السنة: كان ظهور الأسود العنسي، وسيأتي ذكره.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1590"، ومسلم "1314" "344" من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا الاوزاعي، حدثني الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "1560"، ومسلم "1211" "123" من طريق أفلح بن حميد، به.
3 صحيح: أخرجه البخاري "4404" ومسلم "1254" "218" من طريق زهير بن حرب، حدثنا أبو إسحاق السبيعي قال: حدثني زيد بن أرقم، به.
(2/200)

سنة إحدى عشرة:
سرية أسامة:
في يوم الاثنين لأربع بقين من صفر.
ذكر الواقدي أنهم 






المصدر :   

 
الكتاب: سير أعلام النبلاء
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)
الناشر: دار الحديث- القاهرة
الطبعة: 1427هـ-2006م
عدد الأجزاء: 18
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

من كتب المكتبة الشاملة

منهاج السنة النبوية ، قال ابن تيمية :- [التسلسل نوعان]

منهاج السنة النبوية ، قال ابن تيمية :-
[التسلسل نوعان]
والتسلسل نوعان: تسلسل في المؤثرات كالتسلسل في العلل والمعلولات، وهو التسلسل في الفاعلين والمفعولات، فهذا ممتنع باتفاق العقلاء.
ومن هذا الباب تسلسل الفاعلين والخالقين والمحدثين مثل أن يقول: هذا المحدث له محدث، وللمحدث محدث [آخر] (4) إلى ما لا يتناهى. فهذا مما اتفق العقلاء - فيما أعلم - على امتناعه؛ لأن كل محدث لا
_________
(1) مثله: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: فعل. وهو خطأ.
(3) م (فقط) : لأنه لم ينف.
(4) آخر: زيادة في (ا) ، (ب) .
(1/436)

يوجد بنفسه، فهو معدوم باعتبار نفسه، [وهو ممكن باعتبار نفسه] (1) ، فإذا قدر من ذلك ما لا يتناهى، لم تصر الجملة موجودة واجبة بنفسها، فإن انضمام المحدث إلى المحدث والمعدوم إلى المعدوم والممكن إلى الممكن، لا يخرجه عن كونه مفتقرا (2) إلى الفاعل له، بل كثرة ذلك تزيد حاجتها وافتقارها إلى الفاعل، وافتقار المحدثين الممكنين أعظم من افتقار أحدهما، كما أن عدم الاثنين أعظم من عدم أحدهما. فالتسلسل في هذا والكثرة لا تخرجه عن الافتقار والحاجة، بل تزيده حاجة وافتقارا.
فلو قدر من الحوادث والمعدومات والممكنات ما لا نهاية له، وقدر أن بعض ذلك معلول لبعض أو لم يقدر ذلك، فلا يوجد [شيء من] (3) ذلك إلا بفاعل صانع لها خارج عن هذه الطبيعة المشتركة المستلزمة للافتقار والاحتياج، فلا يكون فاعلها معدوما ولا محدثا ولا ممكنا يقبل الوجود والعدم، بل لا يكون إلا موجودا بنفسه واجب الوجود لا يقبل العدم قديما ليس بمحدث، فإن كل ما ليس كذلك فإنه مفتقر إلى من يخلقه وإلا لم يوجد.
وأما التسلسل في الآثار كوجود حادث بعد حادث، فهذا فيه الأقوال الثلاثة المتقدمة: إما منعه في الماضي والمستقبل، كقول جهم وأبي الهذيل. وإما منعه في الماضي فقط، كقول كثير من أهل الكلام. وإما
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) ن: منقص، وهو تحريف.
(3) شيء من: ساقطة من (ن) فقط.
(1/437)

[الدور نوعان]
تجويزه فيهما، كقول أكثر أهل الحديث والفلاسفة، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع.
وكذلك الدور نوعان: دور قبلي: وهو أنه لا يكون هذا إلا بعد هذا، ولا هذا إلا بعد هذا، وهذا ممتنع باتفاق العقلاء. وأما الدور المعي الاقتراني مثل المتلازمين اللذين يكونان في زمان واحد كالأبوة والبنوة، وعلو أحد الشيئين على الآخر مع سفول الآخر، وتيامن هذا عن ذاك مع تياسر (1) الآخر عنه، ونحو ذلك من الأمور المتلازمة التي لا توجد إلا معا، فهذا الدور ممكن. وإذا لم يكن واحد منهما فاعلا للآخر ولا تمام للفاعل (2) ، بل كان الفاعل لهما غيرهما، جاز ذلك.
وأما إذا كان أحدهما فاعلا للآخر (3) ، أو من تمام كون الفاعل فاعلا، صار من الدور الممتنع.

[امتناع وجود إلهين]
ولهذا امتنع ربان مستقلان أو متعاونان. أما المستقلان، فلأن استقلال أحدهما






 
الكتاب: منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 728هـ)
المحقق: محمد رشاد سالم
الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الطبعة: الأولى، 1406 هـ - 1986 م
عدد المجلدات: 9
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بحواشي المحقق]

كتاب مفتاح دار السعادة قال ابن القيم: الوجه الخامس والسبعون

كتاب مفتاح دار السعادة
قال ابن القيم:
الوجه الخامس والسبعون ان النبي ثبت في الصحيحين عنه انه كان يقول اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق باذنك انك تهدى من تشاء الى صراط مستقيم وفي بعض السنن انه كان يكبر تكبيرة الاحرام في صلاة الليل ثم يدعو بهذا الدعاء والهداية هي العلم بالحق مع قصده وإيثاره على غيره فالمهتدي هو العامل بالحق المريد له وهي اعظم نعمة لله على العبد ولهذا امرنا سبحانه ان نسأله هداية الصراط المستقيم كل يوم وليلة في صلواتنا الخمس فإن العبد محتاج الى معرفة الحق الذي يرضى الله في كل حركة غاهرة وباطنة فإذا عرفها فهو محتاج إلى من يلهمه قصد الحق فيجعل إرادته في قلبه ثم إلى من يقدره على فعله ومعلوم ان ما يجهله العبد اضعاف اضعاف ما يعلمه وإن كل ما يعلم انه حق لا تطاوعه نفسه على غرادته ولو اراده لعجز عن كثير منه فهو مضطر كل وقت إلى هداية تتعلق بالماضي وبالحال والمستقبل أما الماضي فهو محتاج إلى محاسبة نفسه عليه وهل وقع على السداد فيشكر الله عليه ويستديمه ام خرج فيه عن الحق فيتوب إلى الله تعالى منه ويتسغفره ويعزم على ان لا يعود وأما الهداية في الحال فهي مطلوبة منه فإنه ابن وقته فيحتاج ان يعلم حكم ما هو متلبس به من الافعال هل هو صواب ام خطأ وأما المستقبل فحاجته في الهداية اظهر ليكون سيره على الطريق وإذا كان هذا شأن الهداية علم ان العبد اشد شيء اضطرارا اليها وان ما يورده بعض الناس من السؤال الفاسد وهي انا إذا كنا مهتدين فأي حاجة بنا ان نسأل الله ان يهدينا وهل هذا الا تحصيل الحاصل افسد سؤال وابعده عن الصواب وهو دليل على ان صاحبه لم يحصل معنى الهداية ولا احاط علما بحقيقتها ومسماها فلذلك تكلف من تكلف الجواب عنه بان المعنى ثبتنا على الهداية وادمها لنا ومن احاط علما بحقية الهداية وحاجة العبد اليها علم ان الذي لم يحصل له منها اضعاف ما حصل له انه كل وقت محتاج إلى هداية متجددة لاسيما والله تعالى خالق افعال القلوب والجوارح فهو كل وقت محتاج ان يخلق الله له هداية
(1/83)

خاصة ثم ان لم يصرف عنه الموانع والصوارف التي تمنع موجب الهداية وتصرفها لم ينتفع بالهداية ولم يتم مقصودها له فإن الحكم لا يكفي فيه وجود مقتضيه بل لا بد مع ذلك من عدم مانعه ومنافيه ومعلوم ان وساوس العبد وخواطره وشهوات الغي في قلبه كل منها مانع وصول اثر الهداية اليه فإن لم يصرفها الله عنه لم يهتد هدى تاما فحاجاته إلى هداية الله له مقرونة بانفاسه وهي اعظم حاجة للعبد وذكر النبي في الدعاء العظيم القدر من اوصاف الله وربوبيته ما يناسب المطلوب فان فطر السموات والارض توسل إلى الله بهذا الوصف في الهداية للفطرة التي ابتدأ الخلق عليها فذكر كونه فاطر السموات والارض والمطلوب تعليم الحق والتوفيق له فذكر علمه سبحانه بالغيب والشهادة وان من هو بكل شيء عليم جدير ان يطلب منه عبده ان يعلمه ويرشده ويهديه وهو بمنزلة التوسل إلى الغني بغناه وسعة كرمه ان يعطى عبده شيئا من ماله والتوسل إلى الغفور بسعة مغفرته ان يغفر لعبده ويعفوه ان يعفو عنه وبرحمته ان يرحمه ونظائر ذلك وذكر ربوبيته تعالى لجبريل وميكائيل وإسرافيل وهذا والله اعلم لان المطلوب هدى يحيا به القلب وهؤلاء الثلاثة الاملاك قد جعل الله تعالى على ايديهم اسباب حياة العباد اما جبريل فهو صاحب الوحي الذي يوحيه الله إلى الانبياء وهو سبب حياة الدنيا والاخرة واما ميكائيل فهو موكل بالقطر الذي به سبب حياة كل شيء واما إسرافيل فهو الذي ينفخ في الصور فيحيى الله الموتى بنفخته فإذا هم قيام لرب العالمين والهداية لها اربع مراتب وهي مذكورة في القرآن المرتبة الاولى الهداية العامة وهي هداية كل مخلوق من الحيوان والادمي لمصالحه التي بها قام امره قال الله تعالى سبح اسم ربك الاعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى فذكر امورا اربعة الخلق والتسوية والتقدير والهداية فسوى خلقه واتقنه وأحكمه ثم قدر له اسباب مصالحه في معاشه وتقلباته وتصرفاته وهداه اليها والهداية تعليم فذكر انه الذي خلق وعلم كما ذكر نظير ذلك في أول سورة انزلها على رسوله وقد تقدم ذلك وقال تعالى حكاية عن عدوه فرعون انه قال لموسى فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى وهذه المرتبة اسبق مراتب الهداية وأعمها المرتبة الثانية هداية البيان والدلالة التي أقام بها حجته على عباده وهذه لا تستلزم الاهتداء التام قال تعالى وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى يعني بينا لهم ودللناهم وعرفناهم فآثروا الضلالة والعمى وقال تعالى وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وهذه المرتبة اخص من الاولى وأعم من الثانية وهي هدى التوفيق والالهام قال الله تعالى والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فعم بالدعوة خلقه وخص بالهداية من شاء منهم قال تعالى
(1/84)

إنك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء مع قوله وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم فاثبت هداية الدعوة والبيان ونفي هداية التوفيق والامام وقال النبي في نشهد الحاجة من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وقال تعالى إن تحرص على هداهم فإن الله لايهدي من يضل أي من يضله الله لايهتدي أبدا وهذه الهداية الثالثة هي الهداية الموجبة المستلزمة للاهتداء واما الثانية فشرط لاموجب فلا يستحيل تخلف الهدى عنها بخلاف الثالثة فإن تخلف الهدى عنها مستحيل المرتبة الرابعة الهداية في الاخرة إلى طريق الجنة والنار قال تعالى احشرواالذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم واما قول اهل الجنة الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله فيحتمل ان يكونوا ارادوا الهداية إلى طريق الجنة وأن يكونوا ارادوا الهداية في الدنيا التي اوصلتهم إلى دار النعيم ولو قيل إن كلا الأمرين مراد لهم وانهم حمدوا الله على هدايته لهم في الدنيا وهدايتهم إلى طريق الجنة كان احسن وابلغ وقد ضرب الله تعالى لمن لم يحصل له العلم بالحق واتباعه مثلا مطابقا لحاله فقال تعالى قل اندعو من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على اعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الارض حيران له اصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين الوجه السادس والسبعون ان فضيلة الشيء وشرفه يظهر تارة من عموم منفعته





 
الكتاب: مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت
عدد الأجزاء: 2 × 1
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

الاثنين، 14 مارس 2016

🌿🌹أذكار الصباح والمساء🌹🌿

[أذكار الصباح والمساء]

27 - أذكار الصباح والمساء الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده (2) .
75 - أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه} [البقرة: 255] 55 {سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم} [البقرة: 255] (3) .
76 - بسم الله الرحمن الرحيم {قل هو الله أحد - الله الصمد - لم يلد ولم يولد - ولم يكن له كفوا أحد} [الإخلاص:
1 - 4]
_________
(2) عن أنس يرفعه " لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة " أبو داود برقم 3667، وحسنه الألباني، صحيح أبو داود 2 / 698.
(3) سورة البقرة آية: 255. من قالها حين يصبح أجير من الجن حتى يمسي، ومن قالها حين يمسي أجير منهم حتى يصبح. أخرجه الحاكم 1 / 562 وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1 / 273 وعزاه إلى النسائي والطبراني وقال: إسناد الطبراني جيد.
(1/54)

بسم الله الرحمن الرحيم {قل أعوذ برب الفلق - من شر ما خلق - ومن شر غاسق إذا وقب - ومن شر النفاثات في العقد - ومن شر حاسد إذا حسد} [الفلق:
1 - 5] بسم الله الرحمن الرحيم {قل أعوذ برب الناس - ملك الناس - إله الناس - من شر الوسواس الخناس - الذي يوسوس في صدور الناس - من الجنة والناس} [الناس:
1 - 6] (ثلاث مرات) (1) .
_________
(1) من قالها ثلاث مرات حين يصبح وحين يمسي كفته من كل شيء. أخرجه أبو داود 4 / 322 والترمذي 5 / 567 وانظر صحيح الترمذي 3 / 182.
(1/56)

77 - «أصبحنا وأصبح الملك لله (1) والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده (2) وأعوذ بك من شر ما في هذا اليوم وشر ما بعده، رب أعوذ بك من الكسل، وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في
_________
(1) وإذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله.
(2) وإذا أمسى قال: رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها.
(1/57)

النار وعذاب في القبر» (1) .
78 - «اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا (2) وبك نحيا، وبك نموت وإليك النشور» (3) .
79 - «اللهم أنت ربي لا إله أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء (4) لك بنعمتك علي،
_________
(1) مسلم 4 / 2088.
(2) وإذا أمسى قال: اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير.
(3) الترمذي 5 / 466 وانظر صحيح الترمذي 3 / 142.
(4) أقر وأعترف.
(1/58)

وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» (1) .
80 - «اللهم إني أصبحت (2) أشهدك وأشهد حملة عرشك، وملائكتك وجميع خلقك، أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك» (أربع مرات) (3) .
_________
(1) من قالها موقنا بها حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة، وكذلك إذا أصبح. أخرجه البخاري 7 / 150.
(2) وإذا أمسى قال: اللهم إني أمسيت.
(3) من قالها حين يصبح أو يمسي أربع مرات أعتقه الله من النار. أخرجه أبو داود 4 / 317 والبخاري في الأدب المفرد برقم 1201 والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم 9، وابن السني برقم 70 وحسن سماحة الشيخ ابن باز إسناد النسائي وأبي داود في تحفة الأخيار ص 23.
(1/59)
81 - «اللهم ما أصبح بي (1) من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر» (2) .
82 - «اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت. اللهم إني أعوذ بك من الكفر، والفقر، وأعوذ
_________
(1) وإذا أمسى قال: اللهم ما أمسى بي. .
(2) من قالها حين يصبح فقد أدى شكر يومه، ومن قالها حين يمسي فقد أدى شكر ليلته. أخرجه أبو داود 4 / 318، والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم 7 وابن السني برقم 41 وابن حيان " موارد " رقم 2361 وحسن ابن باز إسناده في تحفة الأخيار ص 24.
(1/60)

بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت» (ثلاث مرات) (1) .
83 - «حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم» (سبع مرات) (2) .
84 - «اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني
_________
(1) أبو داود 4 / 324، وأحمد 5 / 42 والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم 22 وابن السني برقم 69 والبخاري في الأدب المفرد وحسن العلامة ابن باز إسناده في تحفة الأخيار ص 26.
(2) من قالها حين يصبح وحين يمسي سبع مرات كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة. أخرجه ابن السني برقم 71 مرفوعا وأبو داود موقوفا 4 / 321، وصحح إسناده شعيب وعبد القادر الأرناؤوط. انظر: زاد المعاد 2 / 376.
(1/61)

أسألك العفو والعافية: في ديني ودنياي وأهلي، ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي» (1) .
85 - «اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السماوات والأرض، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان
_________
(1) أبو داود وابن ماجه وانظر صحيح ابن ماجه 2 / 332.
(1/62)

وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءا، أو أجره إلى مسلم» . (1) .
86 - «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم» (ثلاث مرات) (2) .
87 - «رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا» (ثلاث مرات) (3) .
_________
(1) الترمذي وأبو داود، وانظر: صحيح الترمذي 3 / 142.
(2) من قالها ثلاثا إذا أصبح وثلاثا إذا أمسى لم يضره شيء. أخرجه أبو داود 4 / 323 والترمذي 5 / 465 وابن ماجه وأحمد. انظر: صحيح ابن ماجه 2 / 332 وحسن إسناده العلامة ابن باز في تحفة الأخيار ص 39.
(3) من قالها ثلاثا حين يصبح وثلاثا حين يمسي كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة. أحمد 4 / 337 والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم 4 وابن السني برقم 68 وأبو داود 4 / 318 والترمذي 5 / 465 وحسنه ابن باز في تحفة الأخيار ص 39.
(1/63)

88 - «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين» (1) .
89 - «أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين (2) اللهم إني أسألك خير هذا اليوم (3) فتحه، ونصره ونوره،
_________
(1) الحاكم وصححه ووافقه الذهبي 1 / 545 وانظر صحيح الترغيب والترهيب 1 / 273.
(2) وإذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله رب العالمين.
(3) وإذا أمسى قال: اللهم إني أسألك خير هذه الليلة فتحها ونصرها ونورها وبركتها وهداها وأعوذ بك من شر ما فيها وشر ما بعدها.
(1/64)

وبركته، وهداه، وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده» (1) .
90 - «أصبحنا على فطرة الإسلام (2) وعلى كلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى ملة أبينا إبراهيم، حنيفا مسلما وما كان من المشركين» (3) .
91 - «سبحان الله وبحمده» (مائة مرة) (4) .
_________
(1) أبو داود 4 / 322 وحسن إسناده شعيب وعبد القادر الأرناؤوط في تحقيق زاد المعاد 2 / 273.
(2) وإذا أمسى قال: أمسينا على فطرة الإسلام.
(3) أحمد 3 / 406 و 407 وابن السني في عمل اليوم والليلة برقم 34 وانظر: صحيح الجامع 4 / 209.
(4) من قالها مائة مرة حين يصبح وحين يمسي لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه. مسلم 4 / 2071.
(1/65)

92 - «لا إله إلا اله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» (عشرات مرات) (1) (مرة واحدة عند الكسل) (2) .
93 - «لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» (مائة مرة إذا أصبح) (3) .
_________
(1) النسائي في عمل اليوم والليلة برقم 24 وانظر: صحيح الترغيب والترهيب 1 / 272، وتحفة الأخيار لابن باز ص 44 وانظر فضلها في ص 146، حديث رقم 255.
(2) أبو داود 4 / 319 وابن ماجه وأحمد 4 / 60 وانظر: صحيح الترغيب والترهيب 1 / 270، صحيح أبو داود 3 / 957، وصحيح ابن ماجه 2 / 331 وزاد المعاد 2 / 377.
(3) من قالها مائة مرة في يوم كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك ". البخاري 4 / 95، ومسلم 4 / 2071.
(1/66)

94 - «سبحان الله وبحمده: عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه ومداد كلماته» (ثلاث مرات إذا أصبح) (1) .
95 - «اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا» (إذا أصبح) (2) .
96 - «أستغفر الله وأتوب إليه» (مائة مرة في اليوم) (3) .
_________
(1) مسلم 4 / 2090.
(2) أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة برقم 54 وابن ماجه برقم 925 وحسن إسناده عبد القادر وشعيب الأرناؤوط في تحقيق زاد المعاد 2 / 375.
(3) البخاري مع الفتح 11 / 101، ومسلم 4 / 2075.
(1/67)
97 - «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق» (ثلاث مرات إذا أمسى) (1) .
98 - «اللهم صل وسلم على نبينا محمد» (عشر مرات) (2) .

_________
(1) من قالها حين يمسي ثلاث مرات لم تضره حمة تلك الليلة: أخرجه أحمد 2 / 290، والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم 590 وابن السني برقم 68 وانظر: صحيح الترمذي 3 / 187، وصحيح ابن ماجه 2 / 266 وتحفة الأخيار ص 45.
(2) " من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة " أخرجه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد، انظر: مجمع الزوائد 10 / 120 وصحيح الترغيب والترهيب 1 / 273.

المصدر:-
الكتاب: حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة
المؤلف: د. سعيد بن على بن وهف القحطاني
الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية
الطبعة: الأولى، 1409هـ
عدد الصفحات: 158
عدد الأجزاء: 1
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

الأحد، 13 مارس 2016

منهاج السنة النبوية ، قال ابن تيمية :- [التسلسل نوعان]

منهاج السنة النبوية ، قال ابن تيمية :-
[التسلسل نوعان]
والتسلسل نوعان: تسلسل في المؤثرات كالتسلسل في العلل والمعلولات، وهو التسلسل في الفاعلين والمفعولات، فهذا ممتنع باتفاق العقلاء.
ومن هذا الباب تسلسل الفاعلين والخالقين والمحدثين مثل أن يقول: هذا المحدث له محدث، وللمحدث محدث [آخر] (4) إلى ما لا يتناهى. فهذا مما اتفق العقلاء - فيما أعلم - على امتناعه؛ لأن كل محدث لا
_________
(1) مثله: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: فعل. وهو خطأ.
(3) م (فقط) : لأنه لم ينف.
(4) آخر: زيادة في (ا) ، (ب) .
(1/436)

يوجد بنفسه، فهو معدوم باعتبار نفسه، [وهو ممكن باعتبار نفسه] (1) ، فإذا قدر من ذلك ما لا يتناهى، لم تصر الجملة موجودة واجبة بنفسها، فإن انضمام المحدث إلى المحدث والمعدوم إلى المعدوم والممكن إلى الممكن، لا يخرجه عن كونه مفتقرا (2) إلى الفاعل له، بل كثرة ذلك تزيد حاجتها وافتقارها إلى الفاعل، وافتقار المحدثين الممكنين أعظم من افتقار أحدهما، كما أن عدم الاثنين أعظم من عدم أحدهما. فالتسلسل في هذا والكثرة لا تخرجه عن الافتقار والحاجة، بل تزيده حاجة وافتقارا.
فلو قدر من الحوادث والمعدومات والممكنات ما لا نهاية له، وقدر أن بعض ذلك معلول لبعض أو لم يقدر ذلك، فلا يوجد [شيء من] (3) ذلك إلا بفاعل صانع لها خارج عن هذه الطبيعة المشتركة المستلزمة للافتقار والاحتياج، فلا يكون فاعلها معدوما ولا محدثا ولا ممكنا يقبل الوجود والعدم، بل لا يكون إلا موجودا بنفسه واجب الوجود لا يقبل العدم قديما ليس بمحدث، فإن كل ما ليس كذلك فإنه مفتقر إلى من يخلقه وإلا لم يوجد.
وأما التسلسل في الآثار كوجود حادث بعد حادث، فهذا فيه الأقوال الثلاثة المتقدمة: إما منعه في الماضي والمستقبل، كقول جهم وأبي الهذيل. وإما منعه في الماضي فقط، كقول كثير من أهل الكلام. وإما
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) ن: منقص، وهو تحريف.
(3) شيء من: ساقطة من (ن) فقط.
(1/437)

[الدور نوعان]
تجويزه فيهما، كقول أكثر أهل الحديث والفلاسفة، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع.
وكذلك الدور نوعان: دور قبلي: وهو أنه لا يكون






 
الكتاب: منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 728هـ)
المحقق: محمد رشاد سالم
الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الطبعة: الأولى، 1406 هـ - 1986 م
عدد المجلدات: 9
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بحواشي المحقق]

منهاج السنة النبوية ، قال ابن تيمية :- هذا الموضع. [أدلة القائلين بامتناع ما لا نهاية له من الحوادث والرد عليهم]

منهاج السنة النبوية ، قال ابن تيمية :-
هذا الموضع.
[أدلة القائلين بامتناع ما لا نهاية له من الحوادث والرد عليهم]
وعمدة من يقول بامتناع ما لا نهاية له من الحوادث، إنما هي دليل التطبيق والموازنة (4) والمسامتة المقتضي تفاوت الجملتين، ثم يقولون: (5) والتفاوت فيما لا يتناهى (* محال، مثال ذلك أن يقدروا الحوادث من [زمن] (6) الهجرة إلى ما لا يتناهى *) (7) في المستقبل أو الماضي، والحوادث من زمن الطوفان إلى ما لا يتناهى [أيضا] (8) ثم يوازنون الجملتين، فيقولون: إن تساوتا (9) لزم أن يكون الزائد كالناقص، وهذا ممتنع، فإن إحداهما زائدة على الأخرى بما بين الطوفان والهجرة، وإن تفاضلتا لزم أن يكون فيما لا يتناهى تفاضل، وهو ممتنع.
والذين نازعوهم من أهل الحديث والكلام والفلسفة منعوا هذه المقدمة، وقالوا: لا نسلم أن حصول مثل هذا التفاضل [في ذلك]
_________
(1) ن، ا: اجتماعهما.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(3) ا (فقط) : افتراقهما.
(4) ن، م: والموازاة.
(5) ن: نقول؛ م: يقول.
(6) زمن: ساقطة من (ن) .
(7) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(8) أيضا: زيادة في (ا) ، (ب) .
(9) ن، ا، ب: تساويا.
(1/432)

ممتنع (1) ، بل نحن نعلم أنه من الطوفان إلى ما لا نهاية له في المستقبل أعظم من الهجرة إلى ما لا نهاية له في المستقبل، وكذلك [من الهجرة إلى ما لا بداية له (2) في الماضي أعظم من الطوفان إلى ما لا بداية له في الماضي، وإن كان كل منهما لا بداية له (3) ، فإن] (4) ما لا نهاية له من هذا الطرف وهذا الطرف، ليس أمرا محصورا محدودا موجودا حتى يقال هما متماثلان (5) في المقدار، فكيف يكون أحدهما أكثر؟ بل كونه لا يتناهى معناه أنه يوجد شيئا بعد شيء دائما، فليس هو مجتمعا محصورا.
والاشتراك في عدم التناهي لا يقتضي التساوي في المقدار، إلا إذا كان كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى له قدر محدود (6) ، وهذا باطل. فإن ما لا يتناهى ليس له حد محدود ولا مقدار معين، بل هو بمنزلة العدد المضعف، فكما أن اشتراك الواحد والعشرة والمائة والألف في التضعيف (7) الذي لا يتناهى لا يقتضي تساوي مقاديرها، فكذلك هذا.
وأيضا: فإن هذين هما متناهيان من أحد الطرفين وهو الطرف المستقبل، وغير متناهيين من الطرف الآخر وهو الماضي.
_________
(1) ن، م: حصول مثل هذا. والتفاضل ممتنع.
(2) م: ما لا نهاية له.
(3) م: لا نهاية له.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(5) ا: متلازمان؛ ب: متوازنان.
(6) ا: كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى قدر محدود؛ ب: كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى قدرا محدودا. .
(7) ن: الضعيف؛ م: الضعف، وكلاهما تحريف.
(1/433)

وحينئذ فقول (1) القائل: يلزم (2) التفاضل فيما لا يتناهى غلط، فإنه إنما حصل في المستقبل وهو الذي يلينا وهو متناه، ثم هما لا يتناهيان من الطرف الذي لا يلينا وهو الأزل (3) وهما متفاضلان (4) من الطرف الذي يلينا وهو طرف الأبد.
فلا يصح أن يقال: وقع التفاوت فيما لا يتناهى، إذ هذا (5) يشعر بأن التفاوت حصل في الجانب الذي لا آخر له، وليس الأمر (6) كذلك، بل إنما حصل التفاضل (7) من الجانب [المنتهى] (8) الذي له آخر فإنه لم ينقض (9) .
ثم للناس في هذا جوابان (10) ، أحدهما: قول من يقول: ما مضى من الحوادث فقد عدم، وما لم يحدث لم يكن، فالتطبيق في مثل هذا أمر يقدر في الذهن لا حقيقة له في الخارج، كتضعيف الأعداد: فإن تضعيف الواحد أقل من تضعيف العشرة، وتضعيف العشرة أقل من تضعيف المائة، وكل ذلك لا نهاية له، لكن ليس هو أمرا موجودا في الخارج.
_________
(1) ن، م: فيقول:
(2) ا، ب: للزم.
(3) ن، م: الأول.
(4) ن، م: متناهيان.
(5) ن، م: فيما لا يتناهى وهذا. .
(6) الأمر: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(7) ن، م: التفاوت.
(8) المنتهى: ساقطة من (ن) . وفي (م) : الآخر.
(9) ن، م:. . فإنه لا يزال.
(10) ا: هذا ثم للناس هنا جوابان؛ ب: هذا ثم هنا للناس جوابان.
(1/434)

ومن قال هذا فإنه يقول: إنما يمتنع (1) اجتماع ما لا يتناهى إذا كان مجتمعا في الوجود، سواء كانت أجزاؤه (2) (3 متصلة كالأجسام، أو كانت 3) (3) منفصلة كنفوس الآدميين (4) ، ويقول: كل ما اجتمع في الوجود فإنه يكون متناهيا، ومنهم من يقول: المتناهي هو المجتمع المتعلق بعضه ببعض بحيث يكون له ترتيب وضعي كالأجسام، أو طبيعي (5) كالعلل وأما ما لا يتعلق بعضه ببعض كالنفوس، فلا يجب هذا فيها، فهذان قولان.
وأما القائلون بامتناع ما لا يتناهى وإن عدم بعد وجوده، فمنهم من قال به في الماضي والمستقبل، كقول جهم (6) وأبي الهذيل، ومنهم من فرق بين الماضي والمستقبل، وهو قول كثير من أهل الكلام ومن وافقهم. قالوا: لأنك إذا (7) قلت: لا أعطيك درهما إلا أعطيك (8) بعده درهما، كان هذا ممكنا. ولو قلت: لا أعطيك درهما حتى أعطيك قبله درهما، كان هذا ممتنعا، وعلى هذا اعتمد (9) أبو المعالي في " إرشاده " (10) وأمثاله
_________
(1) ن، م: يمنع.
(2) ن، م: أجزاء.
(3) (3 - 3) : ساقط من (ا) ، (ب) .
(4) ب (فقط) : كنفوس الآدميين أو لا.
(5) ن: طبعي.
(6) ن، م:. . والمستقبل كجهم. .
(7) ا، ب: لو.
(8) م: إلا أعطيتك.
(9) ن، م: امتنع، وهو تحريف.
(10) هذا المثال يذكره أبو المعالي الجويني في كتابه " الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد "، ص [0 - 9] 6 - 27؛ القاهرة 1369/1950. وانظر كلامه عن استحالة حوادث لا أول لها، ص 25 - 27.
(1/435)

من النظار.
وهذا التمثيل والموازنة ليست صحيحة، بل الموازنة الصحيحة أن تقول: ما أعطيتك درهما إلا أعطيتك قبله درهما، فتجعل ماضيا قبل ماض، كما جعلت هناك مستقبلا بعد مستقبل.
وأما قول القائل: لا أعطيك حتى أعطيك، فهو نفي للمستقبل حتى يحصل مثله (1) في المستقبل ويكون قبله، فقد (2) نفى المستقبل حتى يوجد المستقبل، وهذا ممتنع، لم ينف (3) الماضي حتى يكون قبله ماض فإن هذا ممكن، والعطاء المستقبل ابتداؤه من المعطي، والمستقبل الذي له ابتداء وانتهاء لا يكون قبله ما لا نهاية له، فإن وجود ما لا نهاية له فيما يتناهى ممتنع.
فهذه الأقوال الأربعة للناس فيما لا يتناهى.

[التسلسل نوعان]
والتسلسل نوعان: تسلسل في المؤثرات كالتسلسل في العلل والمعلولات، وهو التسلسل في الفاعلين والمفعولات







 
الكتاب: منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 728هـ)
المحقق: محمد رشاد سالم
الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الطبعة: الأولى، 1406 هـ - 1986 م
عدد المجلدات: 9
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بحواشي المحقق]

منهاج السنة النبوية ، قال ابن تيمية :- [وجه الارتباط بين الكلام في قدم العالم ومسألة الحكمة والتعليل]

منهاج السنة النبوية ، قال ابن تيمية :-
[وجه الارتباط بين الكلام في قدم العالم ومسألة الحكمة والتعليل]
وإنما [كان] المقصود [هنا] التنبيه (1) على مآخذ المسلمين في مسألة التعليل. فالمجوزون للتعليل يقولون: الذي دل عليه الشرع والعقل أن كل ما سوى الله محدث كائن بعد أن لم يكن، وأما كون الرب لم يزل معطلا عن الفعل ثم فعل، فهذا ليس في الشرع ولا في العقل (2) ما يثبته، بل كلاهما يدل على نقيضه.
وإذا عرف الفرق بين نوع الحوادث وبين أعيانها، وعلم الفرق بين قول المسلمين وأهل الملل وأساطين الفلاسفة الذين يقولون بحدوث كل واحد واحد من العالم العلوي والسفلي، وبين قول أرسطو وأتباعه الذين يقولون بقدم الأفلاك والعناصر، تبين (3) ما في هذا الباب من الخطأ والصواب، وهو من أجل المعارف وأعلى العلوم، فهذا جواب من يقول بالتعليل لمن احتج عليه بالتسلسل في الآثار (4) .

[حجة الاستكمال]
وأما حجة الاستكمال (5) فقالوا: الممتنع أن يكون الرب تعالى مفتقرا
_________
(1) ن، م: وإنما المقصود التنبيه.
(2) ا، ب: فليس في الشرع ولا العقل.
(3) ا، ب: وبين.
(4) يتبين هنا أن كل ما سبق من الاستطراد في الكلام على مسألة قدم العالم، إنما كان لاتصاله بمسألة الحكمة والتعليل التي سبق الكلام عليها في ص 141 من كتابنا هذا.
(5) وهي الحجة الثانية المذكورة في ص 141.
(1/420)

إلى غيره، أو أن يكون ناقصا في الأزل عن كمال يمكن وجوده في الأزل كالحياة والعلم. وإذا كان هو القادر الفاعل لكل شيء، لم يكن محتاجا إلى غيره بوجه من الوجوه، بل العلل المفعولة هي مقدورة ومرادة له. والله تعالى يلهم عباده الدعاء ويجيبهم، ويلهمهم التوبة ويفرح بتوبتهم إذا تابوا، ويلهمهم العمل ويثيبهم إذا عملوا، ولا يقال: إن المخلوق أثر في الخالق (1) أو (2) جعله فاعلا للإجابة (3) والإثابة والفرح [بتوبتهم] (4) ، فإنه سبحانه هو الخالق لذلك كله، له الملك وله الحمد لا شريك له في شيء من ذلك، ولا يفتقر فيه إلى غيره. والحوادث التي لا يمكن وجودها إلا متعاقبة، لا يكون عدمها في الأزل نقصا.
قالوا (5) : وأما قولهم هذا يستلزم قيام الحوادث به (6) .
فيقال: أولا: هذا قول من هم من أكبر شيوخ المعتزلة والشيعة (7) - كهشام بن الحكم وأبي الحسين البصري ومن تبعهما - وهو لازم لسائرهم، والشيعة المتأخرون أتباع المعتزلة البصريين (8) في هذا الباب، هم والمعتزلة البصريون يقولون: إنه صار مدركا بعد أن لم يكن، (* لأن
_________
(1) ا، ب: إن للمخلوق أثرا في الخالق.
(2) أو: ساقطة من (ب) فقط.
(3) ن (فقط) : في الإجابة.
(4) بتوبتهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) قالوا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) به: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(7) ا، ب: هذا قول من هم أكبر من أئمة المعتزلة والشيعة، وهو خطأ.
(8) البصريين: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(1/421)

الإدراك عندهم كالسمع والبصر إنما يتعلق بالموجود، وهم يقولون: صار مريدا بعد أن لم يكن *) (1) . وأما البغداديون فإنهم وإن أنكروا الإدراك والإرادة فهم يقولون (2) : صار فاعلا بعد أن لم يكن. قالوا: وهذا قول بتجدد أحكام له وأحوال.
ولهذا قيل: إن هذه المسألة تلزم سائر الطوائف حتى الفلاسفة، وقد قال بها من أساطينهم الأولين وفضلائهم المتأخرين غير واحد، ويقال (3) : إن [الأساطين] (4) الذين كانوا قبل أرسطو أو كثيرا منهم (5) كانوا يقولون بها، وقال بها أبو البركات صاحب " المعتبر " وغيره، وهو قول طوائف من أهل الكلام من المرجئة والشيعة (6) والكرامية وغيرهم كأبي معاذ التومني (7) والهشامين.
وأما جمهور أهل السنة والحديث فإنهم يقولون بها أو بمعناها، وإن كان منهم من لا يختار إلا (8) أن يطلق الألفاظ الشرعية، ومنهم من يعبر
_________
(1) ما بين النجمتين ساقط من (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: وأما البغداديون فإنهم أنكروا الإدراك فهم يقولون. .
(3) ا، ب: غير واحد يقال. .
(4) الأساطين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) عبارة " أو كثيرا منهم ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ا، ب: من الشيعة والمرجئة.
(7) من أئمة المرجئة، ورأس فرقة التومنية منهم وهو ينتسب إلى تومن، ولم أتمكن من معرفة تاريخ وفاته. وانظر مقالات الأشعري 1/204، 326، 2/232؛ الفرق بين الفرق 123 - 124؛ الملل والنحل 1/128؛ ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب (ط. القدسي، 1357) 1/187؛ ياقوت: معجم البلدان، مادة: تومن.
(8) إلا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(1/422)

عن المعنى الشرعي (1) بالعبارات الدالة عليه، مثل حرب الكرماني (2) ، ونقله عن الأئمة، ومثل عثمان بن سعيد الدارمي (3) ، ونقله عن أهل السنة، ومثل البخاري صاحب الصحيح، [وأبي بكر] بن خزيمة (4) الملقب إمام الأئمة، ومثل أبي عبد الله بن حامد (5) ، وأبي إسماعيل الأنصاري (6) الملقب بشيخ الإسلام، ومن لا يحصي عدده إلا الله.
والمعتزلة كانوا ينكرون أن يقوم بذات الله (7) صفة أو فعل، وعبروا عن ذلك بأنه لا تقوم به الأعراض والحوادث، فوافقهم [أبو محمد عبد الله بن سعيد] بن كلاب (8) على [نفي] (9) ما يتعلق بمشيئته وقدرته، وخالفهم في
_________
(1) ن، م: بالمعنى الشرعي، وهو تحريف.
(2) حرب بن إسماعيل بن خلف الحنظلي الكرماني صاحب الإمام أحمد، ومن أئمة الحنابلة، توفي سنة 280. ترجمته في شذرات الذهب 2/176؛ طبقات الحنابلة 1/145 - 146.
(3) أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي السجزي، محدث وله مؤلفات في الرد على المبتدعة، توفي سنة 280. ترجمته في شذرات الذهب 2/176؛ تذكرة الحفاظ 3/621 - 622؛ الأعلام 4/366؛ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 4/31؛ سزكين م [0 - 9] ج [0 - 9] ص [0 - 9] 1 - 32.
(4) ن، م: وابن خزيمة.
(5) هو أبو عبد الله الحسن بن حامد بن علي بن مروان البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه له " الجامع " في مذهب الحنابلة، وله " شرح الخرقي " توفي سنة 403. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/171 - 177؛ تذكرة الحفاظ 3/1078؛ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 3/315.
(6) هو أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الهروي الأنصاري، كان يدعى شيخ الإسلام، وكان إمام أهل السنة بهراة، ويسمى خطيب العجم، لتبحر علمه وفصاحته ونبله، توفي سنة 481. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/247 - 248؛ الذيل لابن رجب 1
- 68؛ الأعلام 4/267.
(7) ن، م: أن يقوم بالله.
(8) ن، م: فوافقهم ابن كلاب.
(9) نفي: ساقطة من (ن) فقط.
(1/423)

نفي الصفات ولم يسمها أعراضا. ووافقه على ذلك الحارث المحاسبي أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي من شيوخ الصوفية، توفي ببغداد سنة 243 ترجمته في طبقات الشافعية 2/275 - 279؛ شذرات الذهب 2؛ الشعراني: الطبقات الكبرى 1/64؛ السلمي: طبقات الصوفية، ص 56 - 60؛ الخلاصة للخزرجي، ص 57؛ ميزان الاعتدال 1/430 - 431؛ الأعلام 2/153 - 154؛ سزكين م [0 - 9] ج 1، ص [0 - 9] 13 - 119.، ويقال إنه رجع عن ذلك، وبسبب مذهب ابن كلاب هجره الإمام أحمد بن حنبل، وقيل: إنه تاب منه.
وصار النزاع في هذا [الأصل] الأصل: ساقطة من (ن) فقط. بين طوائف الفقهاء، فما من طائفة من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي [وأحمد] إلا [وفيهم] من يقول (1) بقول ابن كلاب في هذا الأصل، كأبي الحسن التميمي والقاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى [وأبي المعالي] الجويني (2) وابن عقيل وابن الزاغوني، وفيهم من يقول بقول جمهور أهل الحديث كالخلال (3) وصاحبه أبي بكر عبد العزيز (4) وأبي عبد الله بن حامد وأبي
_________
(1) ن (فقط) : والشافعي إلا من يقول.
(2) ن، م: والجويني.
(3) ن، ا، ب: كالجلال؛ م (غير منقوطة) والصواب ما أثبتناه. وهو أحمد بن محمد بن هارون، أبو بكر المعروف بالخلال، من أئمة الحنابلة، له التصانيف الدائرة والكتب السائرة، مثل " الجامع " و " العلل " و " السنة "، توفي سنة 311. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/12 - 15؛ تذكرة الحفاظ 3/7؛ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 3/313 - 314؛ الأعلام 1/196.
(4) هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد بن معروف، أبو بكر المعروف بغلام الخلال. من أهم مصنفاته " الشافي " و " المقنع "، توفي سنة 363. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/119 - 127؛ شذرات الذهب 3/45 - 46؛ الأعلام 4/139.
(1/424)

عبد الله بن منده (1) وأبي إسماعيل الأنصاري وأبي نصر السجزي (2) وأبي بكر محمد بن إسحق بن خزيمة وأتباعه (3) .
وجماع [القول في] ذلك ن، م: وجماع ذلك. أن الباري تعالى هل يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته كالأفعال الاختيارية على هذين القولين؟ .
قال المثبتون لذلك وللتعليل: نحن نقول لمن أنكر ذلك من المعتزلة والشيعة ونحوهم: أنتم تقولون: [إن الرب] (4) كان معطلا في الأزل لا يتكلم ولا يفعل شيئا، ثم أحدث الكلام والفعل بلا سبب حادث أصلا، فلزم ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر بلا مرجح، وبهذا استطالت عليكم الفلاسفة وخالفتهم أئمة أهل الملل وأئمة الفلاسفة في ذلك، وظننتم أنكم أقمتم الدليل على حدوث العالم بهذا، حيث ظننتم أن ما لا يخلو عن نوع الحوادث يكون حادثا لامتناع حوادث لا نهاية لها.
وهذا الأصل ليس معكم به كتاب ولا سنة ولا أثر عن الصحابة والتابعين، بل الكتاب والسنة والآثار عن الصحابة [والقرابة] وأتباعهم (5)
_________
(1) هو محمد بن إسحاق بن محمد أبو عبد الله بن منده الأصبهاني، من أئمة الحنابلة، قال عنه ابن أبي يعلى: بلغني عنه أنه قال: كتبت عن ألف شيخ وسبعمائة شيخ، توفي سنة 395. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/167؛ شذرات الذهب 3/337؛ تذكرة الحفاظ 3/220 - 224.
(2) هو أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي البكري السجزي (نسبة إلى سجستان) نزيل الحرم ومصر المتوفى سنة 444. ترجمته في تذكرة الحفاظ 3/206 - 207، 1118 - 1120.
(3) في (ن) ، (م) سقطت عبارة " وأبي بكر عبد العزيز " واختلف ترتيب الأسماء عما أثبته من (ا) ، (ب) .
(4) إن الرب: ساقطة من (ن) فقط.
(5) ن، م: وآثار الصحابة وأتباعهم.
(1/425)

بخلاف ذلك، والنص والعقل دل على أن كل ما سوى الله [تعالى مخلوق] حادث (1) كائن بعد أن لم يكن، ولكن لا يلزم (2) من حدوث كل فرد فرد مع كون الحوادث متعاقبة [حدوث النوع] (3) ، فلا يلزم من ذلك أنه لم يزل الفاعل المتكلم معطلا عن الفعل (4) والكلام، ثم حدث ذلك بلا سبب (5) ، كما لم يلزم [مثل] (6) ذلك في المستقبل، فإن كل فرد فرد من المستقبلات المنقضية (7) فان، وليس النوع فانيا. كما قال تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، وقال: {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [سورة ص: 54] . فالدائم الذي لا ينفد - أي لا ينقضي - هو (8) النوع، وإلا فكل فرد من أفراده نافد منقض ليس بدائم.
وذلك أن الحكم الذي توصف به الأفراد إذا كان لمعنى موجود في الجملة [وصفت به الجملة، مثل وصف كل فرد بوجود أو إمكان أو بعدم، فإنه يستلزم وصف الجملة] (9) بالوجود والإمكان والعدم؛ لأن طبيعة الجميع هي (10) طبيعة كل واحد واحد، وليس المجموع إلا الآحاد الممكنة أو الموجودة أو المعدومة.
_________
(1) ن، م: كل ما سوى الله حادث.
(2) ن، م: لا يستلزم.
(3) عبارة " حدوث النوع " سقطت من (ن) واختلف ترتيبها في الجملة في (م) .
(4) ن (فقط) : عن العقل، وهو تحريف.
(5) ا، ب: بالسبب.
(6) مثل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ن: المقتضية، وهو تحريف.
(8) ب (فقط) : هذا.
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(10) هي: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(1/426)

وأما إذا كان ما وصف به الأفراد لا يكون صفة للجملة، لم يلزم أن يكون حكم الجملة حكم الأفراد، كما في أجزاء البيت والإنسان [والشجرة] (1) ، فإنه ليس كل منها بيتا ولا إنسانا [ولا شجرة] (2) ، وأجزاء الطويل والعريض والدائم والممتد لا يلزم أن يكون كل منها طويلا وعريضا ودائما وممتدا (3) .
وكذلك إذا وصف كل واحد واحد من المتعاقبات بفناء أو حدوث، لم يلزم أن يكون النوع منقطعا أو حادثا (4) بعد أن لم يكن؛ لأن حدوثه معناه أنه وجد بعد أن لم يكن، كما أن فناءه معناه أنه عدم بعد وجوده. وكونه عدم بعد وجوده، أو وجد بعد عدمه أمر (5) يرجع إلى وجوده وعدمه، لا إلى نفس الطبيعة الثابتة للمجموع، كما في الأفراد الموجودة (6) أو المعدومة أو الممكنة، فليس إذا كان هذا المعين (7) لا يدوم، يلزم أن يكون نوعه (8) لا يدوم؛ لأن الدوام تعاقب الأفراد، وهذا أمر يختص به المجموع، لا يوصف به الواحد، وإذا حصل للمجموع بالاجتماع حكم
_________
(1) والشجرة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ولا شجرة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) في (ن) ، (م) : بعد كلمة " وممتدا ": قال تعالى: (أكلها دائم وظلها) وقال: (إن هذا لرزقنا ما له من نفاد) فالدائم الذي لا ينفد أي لا ينقضي هو النوع، وإلا فكل فرد من أفراده نافد منقض ليس بدائم. وهذه الزيادة في (ن) ، (م) تكرار لما سبق ولا موضع لها هنا والمعنى يتم بدونها.
(4) ب (فقط) : فانيا أو حادثا.
(5) أمر: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ن (فقط) : كما في الأفراد المجموعة الموجودة.
(7) ن، م: المعنى، وهو خطأ.
(8) ن، م: عدمه، وهو خطأ.
(1/427)

يخالف به حكم الأفراد، لم يجب مساواة المجموع للأفراد في أحكامه.
وبالجملة، فما يوصف به الأفراد قد توصف به الجملة وقد لا توصف به، فلا يلزم من حدوث الفرد حدوث النوع إلا إذا ثبت أن هذه الجملة موصوفة بصفة هذه الأفراد.
وضابط ذلك أنه إن كان بانضمام هذا الفرد إلى هذا الفرد يتغير ذلك الحكم الذي لذلك الفرد (1) ، لم يكن حكم المجموع حكم الأفراد، وإن لم يتغير ذلك الحكم الذي لذلك الفرد، كان حكم المجموع حكم أفراده (2) .
مثال الأول: أنا إذا ضممنا هذا الجزء إلى هذا الجزء، صار المجموع (3) أكثر وأطول وأعظم من كل فرد، فلا يكون في مثل هذا حكم (4) المجموع حكم الأفراد. فإذا قيل: إن (5) هذا اليوم طويل، لم يلزم أن يكون جزؤه طويلا. وكذلك إذا قيل: هذا الشخص أو الجسم (6) طويل أو ممتد، أو قيل: إن هذه الصلاة طويلة، أو قيل: [إن] (7) هذا النعيم دائم، لم يلزم أن يكون كل جزء منه دائما.
قال الله تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، وليس كل جزء
_________
(1) ا، ب: الذي للفرد.
(2) ن، م، ا: أمثاله، والصواب ما أثبته من (ب) .
(3) ن، م: صار الكل.
(4) ن (فقط) : في حكم هذا مثل حكم. .
(5) إن: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ن، م: والجسم.
(7) إن: ساقطة من (ن) ، (م) .
(1/428)

من أجزاء (1) الأكل دائما. وكذلك في الحديث (2) الصحيح قوله - صلى الله عليه وسلم -: " «أحب العمل إلى الله أدومه» " (3) وقول عائشة [رضي الله عنها] (4) : «وكان عمله ديمة» (5) . فإذا كان عمل المرء دائما، لم يلزم أن يكون كل جزء منه دائما.
_________
(1) أجزاء: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ن، م، ا: وكذلك قوله في الحديث.
(3) جاء الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في المسند (ط. الحلبي) 6/51 بلفظ: إن أحب الدين إلى الله ما داوم عليه صاحبه. وأوله: مه عليكم بما تطيقون. . الحديث. وعقد مسلم في صحيحه 1/540 - 541 فصلا (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره) أورد فيه أربعة أحاديث كلها عن عائشة - رضي الله عنها - وفيها معنى الحديث الذي ذكره ابن تيمية منه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. وجاء في حديث آخر عن أم سلمة - رضي الله عنها - في المسند (ط. الحلبي) 6/319 ونصه: " ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان أكثر صلاته قاعدا إلا المكتوبة وكان أحب العمل إليه ما داوم العبد عليه وإن كان يسيرا ". وأورد البخاري حديثين عن عائشة - رضي الله عنها - بمعنى هذا الحديث مع اختلاف الألفاظ: الأول 1/13 (كتاب الإيمان، باب أحب الدين إلى الله أدومه) ولفظه: وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه. والثاني 3/38 - 39 (كتاب الصوم، باب صوم شعبان) ولفظه: وأحب الصلاة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما داوم عليه وإن قلت. وجاء الحديث عن عائشة في: سنن أبي داود 2/65 (كتاب التطوع، باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة) .
(4) رضي الله عنها: زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في: البخاري 8/98 (كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل) ونصه: عن علقمة قال: سألت أم المؤمنين عائشة قلت: يا أم المؤمنين كيف كان عمل النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل كان يخص شيئا من الأيام؟ قالت: لا كان عمله ديمة، وأيكم يستطيع ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستطيع. وجاء الحديث أيضا في: البخاري 3/42 (كتاب الصوم، باب هل يخص شيئا من الأعمال) ؛ مسلم 1/541 (كتاب صلاة المسافرين، باب فضيلة العمل الدائم. .) ؛ سنن أبي داود 2/66 (كتاب التطوع، باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/43، 55، 189.
(1/429)

وكذلك إذا قيل: هذا المجموع عشر أوقية أو نش (1) أو إستار (2) ، لم يلزم أن يكون كل جزء (3) من أجزائه عشر أوقية ولا نشا ولا إستارا (4) ؛ لأن المجموع حصل بانضمام الأجزاء بعضها إلى بعض، والاجتماع ليس موجودا (5) للأفراد.
وهذا بخلاف ما إذا قيل (6) : كل جزء من الأجزاء معدوم أو موجود أو ممكن أو واجب أو ممتنع، فإنه يجب في المجموع أن يكون معدوما أو موجودا أو ممكنا أو واجبا أو ممتنعا، وكذلك إذا قلت: كل واحد من الزنج أسود، فإنه يجب أن يكون معدوما أو موجودا أو ممكنا أو واجبا أو ممتنعا، وكذلك إذا قلت: كل واحد من الزنج أسود، فإنه يجب أن يكون المجموع سودا؛ لأن اقتران الموجود بالموجود لا يخرجه عن كونه موجودا، واقتران المعدوم بالمعدوم لا يخرجه عن العدم (7) ، واقتران الممكن لذاته والممتنع لذاته بنظيره لا يخرجه عن كونه ممكنا لذاته وممتنعا لذاته.
بخلاف ما لا يكون ممتنعا لذاته (8) إلا إذا انفرد وهو بالاقتران يصير
_________
(1) ن، م، ا: أو بيت، وهو خطأ. وفي اللسان: النش: وزن نواة من ذهب. وقيل هو وزن عشرين درهما.
(2) ن، م، ا: أو إنسان، وهو خطأ. وفي اللسان: الإستار أيضا وزن أربعة مثاقيل ونصف، والجمع: الأساتير.
(3) عبارة " كل جزء " ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) ب: أن يكون من أجزائه عشر أوقية ولا نش ولا إستار؛ ا: أن يكون من أجزائه عشرة ولا قبة ولا بيتا ولا إنسانا؛ ن، م: أن يكون كل جزء من الأجزاء عشرة ولا شيئا ولا أوقية ولا إنسانا؛ وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
(5) ن، م: ليس بموجود.
(6) ا، ب: إذا قلت.
(7) ن، م: عن المعدوم.
(8) لذاته: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(1/430)

ممكنا، كالعلم مع الحياة، فإنه وحده ممتنع ومع الحياة ممكن. وكذلك أحد الضدين هو وحده ممكن ومع الآخر ممتنع اجتماعهما، فالمتلازمان يمتنع انفراد أحدهما، والمتضادان يمتنع اجتماعهما.
وبهذا يتبين الفرق بين دوام الآثار الحادثة الفانية واتصالها، وبين وجود علل ومعلولات ممكنة لا نهاية لها. فإن من الناس من سوى بين القسمين في الامتناع، كما يقوله كثير من أهل الكلام، ومن الناس من توهم أن التأثير واحد في الإمكان والامتناع، ثم لم يتبين له امتناع علل ومعلولات لا تتناهى، وظن أن هذا موضع (1) مشكل لا يقوم على امتناعه حجة، وإن لم يكن قولا لأحد، كما ذكر ذلك الآمدي في " رموز الكنوز " (2) . والأبهري (3) [ومن اتبعهما] (4) .
والفرق بين النوعين حاصل، فإن الحادث المعين إذا ضم إلى الحادث المعين، حصل من الدوام والامتداد وبقاء النوع ما لم يكن حاصلا للأفراد، فإذا كان المجموع طويلا ومديدا ودائما وكثيرا وعظيما، لم يلزم أن يكون كل فرد طويلا ومديدا ودائما وكثيرا وعظيما. وأما العلل والمعلولات المتسلسلة فكل منهما ممكن، وبانضمامه إلى الآخر لا يخرج عن الإمكان، وكل منهما معدوم، وبانضمامه إلى الآخر لا يخرج
_________
(1) موضع: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) سبقت ترجمة الآمدي في هذا الجزء، ص 248. وانظر في ترجمته أيضا: ميزان الاعتدال 1/349؛ لسان الميزان 3/134 - 135؛ مرآة الجنان لليافعي 4؛ مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/49 brock: gal gi. 393،si، 678
(3) سبقت ترجمة الأبهري في هذا الجزء، ص 220.
(4) ومن اتبعهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
(1/431)

عن العدم. فاجتماع المعدومات الممكنة (* لا يجعلها موجودة، بل ما فيها من الافتقار إلى الفاعل حاصل عند اجتماعها *) (1) ، (2) أعظم من حصوله عند افتراقها (3) ، وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.

[أدلة القائلين بامتناع ما لا نهاية له من الحوادث والرد عليهم]
وعمدة من يقول بامتناع ما لا نهاية له من ال




 
الكتاب: منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 728هـ)
المحقق: محمد رشاد سالم
الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الطبعة: الأولى، 1406 هـ - 1986 م
عدد المجلدات: 9
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بحواشي المحقق]