الجمعة، 14 مارس 2014

كتاب سير اعلام النبلاء قال الامام الذهبي : غزوة بني جذيمة:

كتاب سير اعلام النبلاء
قال الامام الذهبي :
غزوة بني جذيمة:
قال ابن إسحاق: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم السرايا فيما حول مكة يدعوم إلى الله -تعالى- ولم يأمرهم بقتال. فكان ممن بعث، خالد بن الوليد، وأمره أن يسير بأسفل تهامة داعيا، ولم يبعثه مقاتلا، فوطئ بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة، فأصاب منهم.
وقال معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى -أحسبه قال:- بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام. فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا، صبأنا. وجعل خالد بهم قتلا وأسرا، ودفع إلى كل رجل منا أسيره. حتى إذا أصبح يوما أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره. فقال ابن عمر: فقلت: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره. قال: فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له صنيع خالد. فقال؛ ورفع يديه صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد". مرتين. أخرجه البخاري1.
وقال ابن إسحاق: حدثني حكيم بن حكيم بن عباد، بن حنيف، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد، فخرج حتى نزل ببني جذيمة، وهم على مائهم، وكانوا قد أصابوا في الجاهلية عمه الفاكه بن المغيرة، ووالد عبد
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "2/ 150-151"، والبخاري "4339" و"7189"، والنسائي "8/ 236-237و 237" من طريق معمر، به.
(2/128)

الرحمن بن عوف؛ فذكر الحديث، وفيه: فأمر خالد برجال منهم فأسروا وضربت أعناقهم.
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما عمل خالد بن الوليد". ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فقال: "اخرج إلى هؤلاء القوم، فأد دماءهم وأموالهم، واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك". فخرج علي، وقد أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا، فودى لهم دماءهم وأموالهم، حتى إنه ليعطيهم ثمن ميلغة1 الكلب، فبقي مع علي بقية من مال، فقال: أعطيكم هذا احتياطا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما لا يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيما لا تعلمون.
فأعطاهم إياه، ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر، فقال: "أحسنت وأصبت".
وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة، عن الزهري، قال: حدثني ابن أبي حدرد، عن أبيه، قال: كنت في الخيل التي أصاب فيها خالد بني جذيمة، إذا فتى منهم مجموعة يده إلى عنقة برمة -يقول: بحبل- فقال: يا فتى، هل أنت آخذ بهذه الرمة فمقدمي إلى هذه النسوة، حتى أقضي إليهن حاجة، ثم تصنعون ما بدا لكم؟
فقلت: ليسير ما سألت. ثم أخذت برمته فقدمته إليهن، قال: أسلم حبيش، على نفاد العيش، ثم قال:
أرأيت إن طالبتكم فوجدتكم ... بحلية أو أدركتكم بالخوانق
ألم يك حقا أن ينول عاشق ... تكلف إدلاج السرى والودائق
فلا ذنب لي، قد قلت، إذ أهلنا معا ... أثيبي بود قبل إحدى الصفائق
أثيبي بود قبل أن تشحط النوى ... وينأى الأمير بالحبيب المفارق
فإني لا سر لدي أضعته ... ولا راق عيني بعد وجهك رائق
على أن ما ناب العشيرة شاغل ... عن اللهو إلا أن تكون بوائق
فقالت: وأنت حييت عشرا، وسبعا وترا، وثمانيا تترى. ثم قدمناه فضربنا عنقه.
قال ابن إسحاق: فحدثنا أبو فراس الأسلمي، عن أشياخ من قومه قد شهدوا هذا مع خالد؛ قالوا: فلما قتل قامت إليه، فما زالت ترشفه حتى ماتت عليه.
__________
1 الميلغة: الإناء الذي يلغ فيه الكلب.
(2/129)

غزوة حنين:
قال يونس، عن ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، وحدثني





المصدر :   

 
الكتاب: سير أعلام النبلاء
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)
الناشر: دار الحديث- القاهرة
الطبعة: 1427هـ-2006م
عدد الأجزاء: 18
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

من كتب المكتبة الشاملة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق