الأحد، 10 يناير 2016

كتاب النبوات، قال ابن تيمية : فصل آيات الانبياء كما قد عرف هي مستلزمة لثبوت النبوة وصدق المخبر بها والشاهد بها قيلزم من وجودها وجود النبوة وصدق المخبر بها ويمتنع أن

كتاب النبوات،
قال ابن تيمية :
فصل آيات الانبياء كما قد عرف هي مستلزمة لثبوت النبوة وصدق المخبر بها والشاهد بها قيلزم من وجودها وجود النبوة وصدق المخبر بها ويمتنع أن تكون مع التكذيب بها وكذب المخبر بها فلا 
يجوز وجودها لمن كذب الانبياء ولا لمن أقر بنبوة كذاب سواء كان هو نفسه المدعي للنبوة أو ادعى نبوة غيره وهذان الصنفان هما المذكوران في قوله ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله وهؤلاء كلهم من أظلم الكاذبين كما قال فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق اذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين ثم قال والذي جاء


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 270 ]  


بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون فالمخبر بالنبوة مع ثبوتها هو الذي جاء بالصدق وصدق به والمخبر بها مع انتفائها هو الذي كذب على الله والمكذب بها مع ثبوتها هو الذي كذب بالحق لما جاءه فدلائل النبوة هي مستلزمة لصدق من أثبت نبوة هي نبوة حق يمتنع أن تكون لمن نفى هذه أو أثبت نبوة ليست بنبوة وكذلك كل دليل دل على إثبات الصانع دل على صدق المؤمنين به المخبرين بما دل عليه الدليل على كذب من نفى ذلك ويمتنع أن تكون تلك الأدلة دالة على نفي ذلك أو على صدق الخبر بنفي ذلك أو على صدق من جعل صفات الرب ثابتة لغيره وما دل على أن هذه الدار ملك لزيد يدل على صدق المخبر بذلك وكذب النافي له ويمتنع أن يدل مع انتفاء الملك وما دل على علم شخص وعدله فإنه مستلزم لذلك ولصدق المخبر به وكذلك النافي له يمتنع أن يدل على صدق النافي أو يدل مع انتفاء العلم والعدل فإن ما استلزم ثبوت شيء وصدقه استلزم كذب نقيضه وكان عدم اللازم مستلزما لعدم الملزوم فما كان مستلزما لثبوت النبوة وصدق المخبر بها كان مستلزما لكذب من نفاها فامتنع أن يكون موجودا مع من نفاها وامتنع أن يكون موجودا مع انتفائها فإن ذلك يستلزم الجمع بين النقيضين فدليل كل مدلول عليه يمتنع ثبوته مع عدم المدلول عليه فانه مستلزم لثبوته فلو وجد مع عدمه للزم الجمع بين النقيضين فما كان دليلا على نبوة شخص فهو دليل على جنس النبوة فإن نبوة الشخص لا تثبت إلا مع ثبوت جنس النبوة فيمتنع وجود ذلك الدليل مع عدم النبوة وثبوت أحد النقيضين مستلزم لنفي الآخر فثبوت صدق المخبر بثبوتها مستلزم لكذب المخبر بانتفائها فهذا أمر عقلي مقطوع به معلوم بالبديهة بعد تصوره في جميع الأدلة أدلة النبوة وغيرها فلا يجوز أن يكون ما دل على النبوة وعلى صدق المخبر بها وكذب المكذب بها دليلا للمكذب بها ولا دليلا مع انتفائها كالمتنبي الذي يدعي النبوة ولا نبوة معه فلا يتصور أن يكون معه ولا مع المصدق بنبوته شيء من دلائل النبوة وأما كون دليل من دلائل النبوة مع المصدق بها كائنا من كان فهذا حق بل هذا هو الواجب فمن صدق بها بلا دليل كان متكلما بلا علم فكل من صدق بالنبوة بعلم فمعه دليل من أدلتها وإخبار أهل التواتر بما جاءت به الانبياء من الآيات


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 271 ]  


هو من أدلة ثبوتها فكل من آمن بالرسول عن بصيرة فلا بد أن يكون في قلبه علم بأنه نبي حق إما علم ضروري أو علم نظري بدليل من الأدلة والعلوم النظرية مع أدلتها تبقى ضرورية وقد تكون في نفس الامر علوم ضرورية ولا يمكنه التعبير عما يدل عليها كالذي يجده الانسان في نفسه ويعلمه من العلوم البديهية والضرورية وغير ذلك فإن كثيرا من الناس لا يمكنهم بيان الادلة لغيرهم على وجود ذلك عندهم واذا عرف هذا فقولنا دلائل النبوة مختصة بالانبياء لا تكون لغيرهم له معنيان أحدهما أنه لا يشاركهم فيها من يكذب بنبوتهم لا من يدعي نبوة كاذبة وهذا ظاهر بين فإن الدليل على الشيء لا يكون دليلا على وجوده وعلى عدمه فلا يكون ما يدل النبوة أو غيرها وعلى صدق المخبر بذلك دليلا على كذب المخبر بذلك ولا دليلا على النبوة مع انتفاء النبوة والمعنى الثاني أنها لا توجد إلا مع النبي فهذا إن أريد به أنها لا توجد إلا والنبوة ثابتة فهو صحيح وإن كانت مع ذلك دليلا على نبي فلا يمتنع أن يكون الشيء الواحد دليلا على أمور كثيرة لكن يمتنع أن يوجد مع انتفاء مدلوله فما دل على النبوة قد يدل على أمور أخرى من أمور الرب تبارك وتعالى لكن لا يمكن أن يدل مع انتفاء النبوة أي مع كون النبوة المدلول عليها باطلة لا حقيقة لها ولكن قد يدل مع موت النبي ومع غيبته فان موته وغيبته لا ينفي نبوته وليس من شرط دليل النبي أن يكون موجودا في محل المدلول عليه ولا في مكانه ولا زمانه وقول من اشترط في آيات الأنبياء أن تكون مقترنة بالدعوى في غاية الفساد والتناقض كما قد بسط لا سيما والآيات قد تكون مخلوقة نائية عن النبي وعن مكانه وكذلك سائر الأدلة لا سيما ما يجري مجرى الخبر فالاخبار الدالة على وجود المخبر به لا يجب أن تكون مقارنة المخبر به لا في محله ولا زمانه ولا مكانه وآيات الانبياء هي شهادة من الله وإخبار منه بنبوتهم فلا يجب أن تكون في محل النبوة ولا زمانها ولا مكانها لكن يجوز ذلك فلا يمتنع أن يكون الدليل في محل المدلول عليه أو في مكانه لكن يجوز ذلك فيه فالانسان قد تقوم به أمور تدل على بعض الأمور التي فيه وقد تعلم أموره بخبر غيره وببعض آثاره المنفصلة عنه فاذا أريد بأن آيات الانبياء مختصة بهم وأنها لا تكون لغيرهم أنها لا تكون مع انتفاء النبوة المدلول عليها فهذا صحيح


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 272 ]  


لأنه يستلزم الجمع بين النقيضين وأما إذا أريد أنها لا توجد إلا في ذات النبي أو مقترنة بخبره عن نبوته أو في المكان الذي كان فيه أو في الزمان فهذا كله غلط وخطأ ممن ظنه وجهل بين بحقائق الأدلة وان كان من الأدلة وآيات النبوة ما يكون في ذات النبي ويكون مقترنا بقوله إني رسول الله ويكون في المكان الذي هو فيه وفي زمانه فهذا يمكن وهو الواقع فإن النبي صلى الله عليه وسلم بل وغيره من الانبياء كان في نفس أقوالهم وأفعالهم وصفاتهم وأخلاقهم وسيرهم أمور كثيرة تدل على نبوتهم وكذلك لما قال إني رسول الله أتى مع ذلك بآيات دلت على صدقه وكذلك في مكانه وزمانه ظهر من انشقاق القمر وغيره ما دل على نبوته لكن آيات الانبياء أعم من ذلك كما أن دليل كل شيء أعم من أن يختص بمعنى المدلول وزمانه ومكانه وبهذا يظهر خطأ كثير من الناس في عدم معرفتهم بجنس آيات الانبياء لعدم تحقيقهم جنس الأدلة والبراهين وأن خاصة الدليل أنه يلزم من تحققه تحقق المدلول عليه فقط سواء كان مقارنا للمدلول عليه أو كان حالا في محله أو مجاوزا لمحله أو لم يكن كذلك والنبوة قد قال طائفة من الناس إنها صفة في النبي وقال طائفة ليست صفة ثبوتية في النبي بل هي مجرد تعلق الخطاب الآلهي به بقول الرب إني أرسلتك فهي عندهم صفة إضافية كما يقولونه في الاحكام الشرعية انها صفات اضافية للافعال لا صفات حقيقية والصحيح أن النبوة تجمع هذا وهذا فهي تتضمن صفة ثبوتية في النبي وصفة إضافية هي مجرد تعلق الخطاب الآلهي به بقول الرب إني أرسلتك فهي عندهم صفة إضافية كما يقولونه في الاحكام الشرعية إنها صفات إضافية للأفعال لا صفات حقيقية لكن على الاقوال الثلاثة ليس من شرط أدلتها أن تكون حالة في ذات النبي ولكن يجوز أن تكون لها أدلة قائمة بذات النبي كما كان في محمد صلى الله عليه وسلم عدة أدلة من دلائل النبوة كما هو مبسوط في دلائل نبوته اذ المقصود هنا الكلام على جنس آيات الانبياء لا على شيء معين لا دليل معين ولا نبي معين فاذا عرف أن دلائل النبوة يمتنع ثبوتها لشخص لا نبوة فيه إذا ادعاها أو ادعيت له كذبا ويمتنع ثبوتها مع المكذب بالنبوة الصادقة وإنها لا توجد إلا والنبوة ثابتة وأنها دليل على صدق المخبر بالنبوة من جميع الخلق فكل من آمن أن محمدا رسول الله فقد أخبر عن نبوته كما أخبر هو عن نبوة


 النبوات    [ جزء 1 - صفحة 273 ]  


نفسه بما أمره الله به حيث قال قل يا أيها الناس إني رسول الله اليكم جميعا فهذا الخبر وهو الشهادة بأنه رسول الله الى الناس جميعا سواء وجد منه او من غيره هو مدلول عليه بجميع دلائل النبوة فاذا وجد هذا الخبر في غير النبي ووجد ما يدل على صدق هذا الخبر كان ذلك من دلائل النبوة كما وجد هذا في خلق كثير من المؤمنين ومن دلائل النبوة وجود العلم الضروري بخبر أهل التواتر الذين أخبروا بالآيات فهذا العلم الضروري هو بمنزلة المشاهدة للآيات وكذلك ما يوجد لأهل الايمان مما يستلزم صدق خبرهم بأن محمدا رسول كما يوجد لأمته من الآيات الكثيرة عند تحقيق أمره ونصره وطاعته والجهاد عن دينه والذب عنه وبيان ما أرسل به كما وجد أمثال ذلك للصحابة والتابعين وسائر المؤمنين الى يوم القيامة
فصل فجميع ما يختص بالسحرة والكهان هو مناقض للنبوة فوجود ذلك يدل على أن صاحبه









المصدر :
كتاب : النبوات لابن تيمية
  >> عدد الأجزاء= 1  <<
النبوات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق